لقاء أوزبكستان المسلمة مع العلامة القاري

القسم الأول:

اسمه ومولده:
هو الشيخ أبو مجاهد عبد العزيز بن عبد الفتاح بن عبد الرحيم بن محمد القاري المدني.
ولد الشيخ عبد العزيز في عام 1365هـ بمكة المكرمة، وهو مقيم بالمدينة النبوية حاليا.

والده المرحوم:
الشيخ عبد الفتاح القاري، من مواليد مدينة \”قُوقَنْدْ\” من مدن وادي فرغانه ببلاد ما وراء النهر. وفي عهد الزحف الروسي على بلاد التركستان هاجر الشيخ إلى أفغانستان ثم إلى الجزيرة العربية. وكان الشيخ عبد الفتاح القاري من أقران الشيخ عبد العزيز بن باز – مفتي السعودية - رحمهما الله. وطلبا العلم سويا على يد علماء الجزيرة العربية.

طلبه للعلم:
درس فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري في بداية طلبه للعلم في المعهد العلمي بالرياض من عام 1375هـ إلى عام 1380هـ. ثم واصل الطلب في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ابتداء من تأسيسها في عام1381هـ. وامتدت مرحلة الطلب لدى الشيخ إلى عام 1389هـ، فبعد أن تخرج – حفظه الله- من كلية الشريعة استمر في مواصلة دراسته في جامعة الأزهر بالقاهرة، حيث نال درجة الماجستير ثم الدكتوراه من قسم السياسة الشرعية.

من آثار الشيخ العلمية والعملية:
عمل مدرسا وعميدا للدراسات العليا بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، وإماما وخطيبا بمسجد قباء، ورئيسا للجنة مراجعة مصحف المدينة النبوية بمجمع الملك فهد. وله مؤلفات عديدة في علوم القرآن والتفسير وعلم التجويد والقراءات وغير ذلك من الفنون. وله ديوان شعري بعنوان: \”شجون غريب\”.

شيوخه:
تتلمذ شيخنا الفاضل على يد كل من سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز – مفتي السعودية السابق-، والشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي – \”مؤلف أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن،\” - والشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ المحدث حماد الأنصاري وغيرهم –رحمهم الله أجمعين.

“أوزبكستان المسلمة”:
بادئ ذي بدء نتقدم إلى سماحتكم -باسم زوار موقعنا الكرام- بالشكر الجزيل على تفضلكم بالقبول لإجراء هذا الحوار المبارك مع موقع \”أوزبكستان المسلمة\”. ثم نشرع في عرض أسئلتنا لسماحتكم.

السؤال الأول:
بين علماء الإسلام بأنه يجب ويتعين على كل من يعمل بتعليمات الكتاب والسنة أن يكون ملازما للجماعة. ويوردون الأدلة الدالة على ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. فكيف يشرح فضيلتكم حقيقة هذه الجماعة والأقوال التي قيلت حولها؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم. يتبين جواب هذا السؤال بحديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- التالي: \”افترق أهل الكتابين إلى ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة\”. (هذا لفظ رواية أبي داود). وفي رواية الترمذي: سأل الصحابة: \”من هي الفرقة الناجية؟\” فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”ما أنا عليه اليوم وأصحابي\”.
فإذا أطلق لفظ \”الجماعة\” فإنه يفهم منها أنها الطريق الذي سلكه الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه وكل من سار على هذا الطريق وتمسك به. وهذا الطريق يتكون من مجموعة العقائد والأقوال والأعمال. فأي إنسان يجتهد في فهم الكتاب والسنة كما فهمهما النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والصحابة، والعمل بشرائع الإسلام كما عمل بها الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- والصحابة أيضا فإنه عضو من أعضاء هذه الجماعة العظيمة.
والعلماء يقولون: إنه لا يشترط أن يجتمع أعضاء هذه الجماعة في مكان واحد وفي زمن واحد. فلو وُلِد شخص في الشرق وآخر في الغرب وعاش كل واحد منهما في مكانه الذي ولد فيه وهو متمسك بسنة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه فإنهما من أهل هذه الجماعة الواحدة، وإن كان أحدهما لا يعرف الآخر. إلا أنه لو قُدِّر اجتماعهما فالتقيا في مكان وزمان واحد تجد أن عقيدتهما وأقوالهما وأعمالهما تنبع من مشكاة واحدة لا يتناقض بعضها مع بعض أبدا. وانظر إلى حالنا الآن: فبرغم المسافات البعيدة بين بلادنا وبلادكم ورغم كوننا لم يلتق بعضنا مع بعض قبل هذا المجلس نجد أن عقيدتنا وأفكارنا وأقوالنا واحدة لا تختلف، ونتحدث في هذا المجلس وكأننا تعلمنا في مدرسة واحدة وتصاحبنا منذ سنين عديدة. وهذا مصداق كوننا –نحن وأنتم- ضمن الجماعة الواحدة. ولذلك قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: \”الجماعة أن تكون على الحق وإن كنت وحدك\”.
وبناء على ذلك نقول: يقصد بكلمة \”الجماعة\” جميع المسلمين الذين يعيشون في مشارق الأرض ومغاربها بالعمل بالشريعة الإسلامية الصافية. وهي موجودة منذ عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه إلى يومنا هذا وهي باقية ودائمة إلى قيام الساعة بإذن الله جل وعلا وحفظه ورعايته.
وأما الحديث الآتي فإنه يزيد من قوة القلب وطمأنينته ويدفع كل مؤمن للعيش بلزوم الجماعة، حيث قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك\” (رواه البخاري). وهذه الغلبة والظهور يكون واضحا وجليا أمام العالم تارة بالحجة والبيان وتارة بالقوة والتمكين في الأرض.

الأحاديث الواردة في أمر الناس باتباع السنة بقبول الدين الإسلامي كما جاء به النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- ولزوم الجماعة والابتعاد عن الفرقة والاختلاف وأسبابها كثيرة متظافرة. والمسلمون الذين يمتثلون هذه الأوامر يسمون بـ \”أهل السنة والجماعة\”. فهم يتبعون سنن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ويسلكون الطريق الذي سلكه الصحابة الكرام ويحافظون على جماعة المسلمين ووحدتهم.
ويجدر بنا أن نذكر بعضا من تعريفات العلماء المتعددة لمفهوم \”الجماعة\”. فبعضهم قالوا بأن المراد بـ\”الجماعة\” هم الصحابة (كما روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز)، وقال طائفة من العلماء بأن \”الجماعة هم: العلماء المجتهدون وأهل العلم والفضل في كل عصر\” (كما ذكره الحافظ ابن حجر عن الإمام البخاري). وقال آخرون بأن \”المراد بالجماعة هو الخليفة أو ولي أمر المسلمين الشرعي والمسلمون الذين بايعوه بالسمع والطاعة على الكتاب والسنة\” (كما عرفه بذلك الإمام الطبري).
وهذه التعريفات وإن كانت في ظاهرها يختلف بعضها عن بعض إلا أنها في الحقيقة يؤيد ويكمل بعضها بعضا. وهذا يتبين من خلال البحث والتدقيق فيها.

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال الثاني:
ورد في الحديث (الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم): \”من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة فمات فميتة جاهلية\”. نرجو أن تشرحوا لنا الحديث شرحا موجزا، وما هي هذه الجماعة التي ذكرت في الحديث؟
الجواب:
الجماعة التي تحدثنا عنها آنفا يسمى أيضا بـ \”الجماعة الكبرى\”، و\”الجماعة العظمى\”. وهي التي تكون موجودا في كل وقت، ولا يخلو عنها زمن من الأزمان. وأما الجماعة المذكورة في الحديث الذي أوردته فهي قد توجد في وقت ولا توجد في وقت آخر، وقد توجد في مكان دون مكان. ويمكن أن نسمي هذه الجماعة بـ\”الجماعة السياسية\” – إن صح التعبير-. فلو وجدت جماعة إسلامية تطبق شرع الله وتحكم بما أنزل الله في حدود معينة من الأرض فإنها يجب طاعتها. والإعراض عن السمع والطاعة لأميرها يعتبر من أعمال الجاهلية.

ويفهم من لزوم الجماعة هذه أيضا: العيش في ظل الدولة الإسلامية ومبايعة ولي أمرها (الخليفة أو الأمير والوالي) والطاعة له. فعلى سبيل المثال: بايع الصحابة -رضوان الله عليهم- بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- الذي اختير خليفة لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقاموا بطاعته وامتثال أوامره. وما زال المسلمون منذ ذلك العهد بمبايعة ولي أمرهم وإعلان السمع والطاعة له. وذلك لأن هذه المسألة مما تظافرت النصوص الشرعية في الأمر به والنهي عن ضده. ومن المعلوم أن الخلافة الإسلامية العظيمة انتهت بسقوط الدولة العثمانية. ففي هذه الأزمنة والظروف التي لا يوجد فيها خليفة وإمام متفق عليه لدى المسلمين عموما ماذا يجب على المسلمين ولمن يسمعون ويطيعون؟ فهنا يجب أن نذكر: بأنه حتى لو لم يوجد خلافة عامة شاملة لجميع المسلمين قد توجد إمارات إسلامية محدودة. وحكومة \”طالبان\” التي حكمت في أفغانستان ولو لفترة يسيرة هي مثال واضح لهذه الحالة. فيجب على المسلمين الذين يعيشون في حدود هذه الدولة أن يسمعوا ويطيعوا ويبايعوا أمير هذه الدولة الإسلامية، لأنه طبقت الشريعة الإسلامية. والخروج على هذه الدولة يعتبر خروجا على الجماعة التي ذكرت في الحديث المذكور في السؤال.

فإذا، متى ما قامت دولة بهذه الصفات، يعني متى ما وجدت جماعة إسلامية سياسية تملك زمام الأمور وتدبيرها فإنه في هذه الحالة يجب على كل مسلم يعيش في حدود تلك الدولة الإسلامية أن ينضم إلى هذه الجماعة ويلزمها ويطيع أميرها. وأما المسلمون الذين يعيشون في خارج حدود هذه الدولة أو في أماكن بعيدة عنها فإنه يجوز لهم أن يبقوا في أماكنهم التي يقيمون فيها إذا كانوا قادرين على إقامة شعائر دينهم والقيام بدعوة الناس إلى دين الله عز وجل في تلك البلاد. وأما المسلم الذي لا يستطيع أن يعمل بشعائر دينه ولا أن يقوم بدعوة الناس إلى هذا الدين الحق في مكان إقامته يجب عليه أن يدخل تحت حماية الدولة الإسلامية وأن يهاجر إليها. فإن أي مسلم يعيش في بلاد الكفر ويموت فيها وهو لا يستطيع أن يؤدي واجباته الدينية فإن عاقبته وخيمة وأليمة.

فالحديث الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”من مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية\”؛ يأمر بلزوم الجماعة السياسية أو الدولة الإسلامية في العسر واليسر وفي المنشط والمكره. فترك الدولة الإسلامية وخذلانها والاستقرار في دولة كفرية وعصيان الأمير الذي يحكم بالشريعة الإسلامية يعتبران مفارقة للجماعة، وفي كلتا الحالين يعتبر صاحب هذه الفعلة مرتكبا لكبيرة وجريمة عظيمة.

وحسب عقيدة أهل السنة والجماعة قد توجد خلافة إسلامية في زمن معين ولا يوجد في زمن آخر. ولكن لا يمكن أن يوجد زمن يخلو من جريان أحكام الشريعة الإسلامية فيه. ونستطيع أن نستفيد هذه الحقيقة من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- الذي أخرجه الأئمة (أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم).

فبعد أن سمع حذيفة -رضي الله عنه- من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وجوب لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لإمامهم سأله قائلا: \”فإن لم يكن للمسلمين جماعة ولا إمام؟\” فبين النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ما يجب على المسلم حتى في تلك الأزمنة الحرجة، وأنه يجب عليه أن يلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية بنفسه. فهذا يبين أن الشريعة مستمرة في كل وقت، فلم يعلق وجوب العمل بالشريعة الإسلامية بوجود الإمام أو الخليفة. وقد ضل حزب التحرير والشيعة وأخطئوا في هذا الباب لأنهم علقوا العمل بأحكام الشريعة في كل شؤون الحياة بوجود وتوفر الإمام الشرعي أو الخليفة، وبالتالي قاموا بإلغاء العمل بكثير من أحكامها بدعوى عدم وجود الخليفة. وكأنه ينبغي على المسلمين انتظار مجيء الإمام حتى يقيم شرع الله ويطبقه في حياة الناس، وإلى حين ذلك لا يجب على أحد أن يعمل بالأعمال الشرعية. وعلى سبيل المثال: ألغى الشيعة صلوات الجمعة والجماعة في المساجد، لأنهم يعتقدون أن القيام بهذه الأمور كإقامة صلوات الجمعة والجماعة من مسئوليات الإمام المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان.

وأما عقيدتنا – نحن أهل السنة والجماعة - أنه إذا وجد إمام للمسلمين فإنه يجب السمع والطاعة له، وإذا لم يكن موجودا، يجب على المسلمين - أهل الشورى منهم - أن يختاروا من بينهم إماما شرعيا لهم. وإذا لم يتيسر هذا أيضا فإن الواجب على كل مسلم أن يقيم شرع الله في نفسه ويعمل بكل ما أمره الله به ويجتنب عن كل ما نهى عنه.

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال الثالث:
نرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا \”الجماعة الصغرى\” بتوضيح أكثر، فما هي حقيقة هذه الجماعة؟
الجواب:
كل جماعة أو مؤسسة إسلامية اجتمع أعضاؤها لتحقيق هدف شرعي أو أكثر –سواء كانت هذه المؤسسة في داخل الدولة الإسلامية أو خارجها- فهي الجماعة الصغرى. ولا شك في جواز وشرعية تأسيس مثل هذه الجماعات أو المؤسسات الخيرية من وجهة النظر الإسلامية، بل هو واجب.
ويمكننا فهم ماهية \”الجماعة الصغرى\” بضرب بعض الأمثلة عليها. فأوضح وأسهل مثال على ذلك: الجماعة التي تجتمع لأداء الصلوات المفروضة. فهذه صورة من صور الجماعة الصغرى. وإليكم مثالا آخر وصورة أخرى لهذه الجماعة؛ وهي خروج مجموعة من المسلمين -ثلاثة أو أكثر- في سفر لغرض شرعي.

ويمكننا أيضا أن نعرفها بعبارة موجزة كالتالي: \”الجماعة الصغرى هي: كل جماعة تجتمع لتحقيق هدف شرعي لا يمكن أن يحققه الأفراد ولا بد فيه من التعاون الجماعي حتى يتحقق\”. فمثلا؛ الجمعيات التي تتأسس من أجل القيام بدعوة الناس إلى دين الإسلام وبناء المساجد والمدارس الإسلامية وكفالة الأيتام والمساكين ومد يد العون والمساعدة إليهم وإنقاذ الأسرى والمظلومين من المسلمين وغير ذلك من المقاصد الشرعية النبيلة، كلها إسلامية شرعية صحيحة. فالمؤسسات والمنظمات الخيرية الكثيرة التي تناصر القضايا الإسلامية والمسلمين وتحقق الأهداف الإسلامية كلها يصلح أن يكون مثالا على هذه الجماعة الصغرى. ونعتقد أنها جماعات إسلامية موافقة للسنة النبوية. ونرد كل الدعاوى التي لا أساس لها من الصحة والتي تشاع من أجل تشويه سمعة هذه الجمعيات الخيرية وجهودها المشكورة. فانتقاد هذه المؤسسات الإسلامية –الرسمية منها وغير الرسمية- وما تبذلها من جهود مشكورة في خدمة الإسلام والمسلمين – فانتقادها والتقليل من شأنها وإشاعة الشبهات حولها واتهامهم بالضلال والابتداع من قبل بعض المخذلين -الذين لا يسلم من لسانهم أحد من أهل الخير- أمر باطل غير منصف ولا نزيه. فهؤلاء المخذلون ليس لهم هم إلا اتهام الآخرين والبحث عن عيوبهم ومثالبهم، فهم لم يقدموا للإسلام شيئا غير التجريح والتبديع. وكان الأولى لهم أن يجتهدوا في الأعمال الصالحة وأن يبذلوا جهودهم وأوقاتهم في خدمة الإسلام والمسلمين بدلا من إضاعتها في توجيه الاتهامات واختلاق الأباطيل في حق من يعملون ويجتهدون. فنقول لهم: إذا كانت هذه المؤسسات والجماعات الخيرية على خطأ فأرونا أنتم ما هو الصحيح؟! فقوموا واعملوا وحققوا تلك الأهداف الصحيحة التي غفل عنها هؤلاء وانتبهتم لها أنتم؟! لماذا تهدرون أوقاتكم وأوقات الآخرين بإشغالهم بإشاعة مثل هذه الاتهامات الباطلة التي لا تستند إلى دليل قاطع ولا إلى بديل نافع؟!

صحيح أن كل جماعة بل كل أحد لا يسلم من خطأ ونقصان، فلا أحد معصوم إلا الأنبياء، ونسأل الله أن يغفر لنا زلاَّتنا. ولكن ما دام أن هذه الجماعات لا نرى فيها ما يخالف أصول أهل السنة والجماعة في الاعتقاد والأعمال فإننا نلتمس لهم العذر لما يصدر منهم من بعض الأخطاء اليسيرة ونرجو الله أن يغفر لنا ولهم. ونبذل لهم حق النصح والإرشاد وتصحيح هذه الأخطاء بالحكمة والموعظة الحسنة. ونتعاون معهم على البر والتقوى كما أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بذلك في قوله:
{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة:2].

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال الرابع:
تكملة لهذا الموضوع أيضا نرجو أن تستطردوا قليلا في حكم مسألة تأسيس مثل هذه الجمعيات الخيرية والانضمام إليها؟
الجواب:
مسألة تأسيس مثل هذه الجماعات أو الانضمام إليها يحدد حكمها بحسب الضرورات والإمكانيات. لا شك أن الأمة الإسلامية تمر اليوم بأصعب الظروف وأسوأ الحالات، فلذا يجب على المسلمين جميعا القيام بنصرتها ومساعدتها والخروج بها من الظلم إلى العدل ومن الظلمات إلى النور. فلأجل أداء هذه المسؤوليات يجب على المقتدرين لديهم الاستطاعة والإمكانيات أن يساعدوا هذه الجماعات الخيرية وأن يتعاونوا معها، وإذا لم تكن موجودة يجب عليهم أن يؤسسوها. لأن الأفراد لا يمكن أن يحققوا شيئا كبيرا إلا بالجماعة والاجتماع. وهذه حقيقة جلية لا تحتاج إلى دليل. ولكن من أراد أن يبحث لها دليلا فـالأدلة عليها كثيرة جدا. فمثلا لما كان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في مكة قبل الهجرة بايع أهل المدينة مرتين مما يدل على ضرورة تشكيل الجماعة في كل وقت وفي كل ظرف. ففي بيعة العقبة الأولى كانت البيعة على الإيمان والدعوة؛ حيث بايع المسلمون الجدد من أهل المدينة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على الثبات على الإيمان وعدم الإشراك بالله والقيام بدعوة الناس إلى هذا الدين الحق. وفي بيعة العقبة الثانية؛ بايع الأنصار (المؤمنون من أهل المدينة) على إيواء المهاجرين من مكة وتقوية أواصر الأخوة فيما بينهم وحمايتهم مما يحمون منه أهاليهم، واعتبارهم كإخوة أشقاء لهم ومساعدتهم بكل ما يستطيعون. ولم تكن الدولة الإسلامية موجودة في ذلك الوقت، ولكن الجماعة الإسلامية كانت قد أسست والمسلمون كانوا يقومون بطاعة أميرهم والأوامر الشرعية التي أمر بها القرآن كانت تطبق في شؤون حياتهم على أكمل وجه. وهذه التوجيهات كلها كانت تتم عن طريق الوحي الذي كان ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- متتالية.

فمعظم الأوامر الشرعية التي أمر بها الإسلام – إن لم يكن جميعها- لا يمكن تحقيقها إلا بالجماعة. والقاعدة الفقهية تقول: \”ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب\”. وتبليغ دعوة الإسلام إلى الناس، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة صلوات الجمعة والجماعة والعيد والجنائز والأذان وعقود النكاح والطلاق وغير ذلك من الشعائر الإسلامية من أهم مسؤوليات المسلمين عموما وأهل العلم على وجه الخصوص. والقيام بهذه الشعائر الإسلامية وتنظيمها وترتيبها هي من واجب الدولة الإسلامية في الأصل، ولكن إذا لم يكن هناك دولة إسلامية تقوم بها فإن هذه الواجبات تبقى في ذمة المسلمين عموما والعلماء خصوصا. وعدم القيام بها أو التقصير فيها من أعظم الذنوب. وهي ليست مما يقدر عليه الآحاد من الناس، وكل من أراد أن يقوم بها لا بد أن يحتاج إلى مساعدة الآخرين وتأييدهم. وبالتالي نعود مرة أخرى وبالضرورة الطبيعية إلى أهمية تكوين الجماعة والانضمام إليها. وإنكار هذه الحقيقة ليس إلا من قبيل الجهل وعدم فهم الدين وطبيعة هذه الحياة. فإذا كان القيام بأمر الله واجبا فاتخاذ الوسائل المعينة على تحقيق هذه الفريضة أيضا واجب. وأهم وسيلة لذلك هو العمل مع الجماعة. فإذاً، نفهم من كلمة \”الجماعة\” أنهم المسلمون الذين اجتمعوا تحت قيادة أمير مسلم شرعي على تحقيق هدف شرعي أمر به الإسلام.

وهذه الخلاصة التي توصلنا إليها يمكن أن نستنتجها أيضا من حديث السفر الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم\”. (رواه الإمام أبو داود).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرحه لهذا الحديث –بما معنى كلامه-: \”أمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- النفر الثلاثة الذين هم أقل عدد يمكن أن يتكون منهم جماعة وخلال أقصر فترة يجتمعون فيها -وهي في سفرة قصيرة- لهدف من الأهداف بأن يعينوا أميرا لهم من بينهم. وفي هذا إشارة منه -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى أن وجوب تعيين الأمير فيما هو فوق هذه الجماعة من حيث العدد والمدة من باب أولى وآكد.
ويقول -صلى الله عليه وآله وسلم- في حديث آخر: \”ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية\”. (رواه الإمام النسائي).

أوزبكستان المسلمة: السؤال الخامس:
في نظرنا أن تسمية ولي الأمر بالأمير أو الرئيس ليس له أهمية كبيرة، فإذا كان كذلك فما حكم طاعة هذا الأمير؟
الجواب:
لا شك أن طاعة الأمير واجب، لأنه لا يمكن أن يستقيم أي مجتمع على نظام وترتيب بدون طاعة لأمير معين، وسيسوده الفوضى، ولا يمكن تحقيق أي هدف خيري في مكان لا نظام فيه. وهذه أيضا حقيقة واقعية لا ينكرها العقلاء، حتى الكفار لا يعيشون ولا يشتغلون إلا باجتماعهم على رئيس يطيعونه. فمن لم يطع الأمير فلا شك أنه آثم، لأنه بفعلته هذه سيفتح الباب على مصراعيه للفوضوية وانعدام النظام والأمن، ويتسبب في تفرق الجماعة وتشتتها، فينتشر السلب والنهب والجرائم المختلفة بين الناس. هذه من جهة، ومن جهة أخرى؛ يعتبر هذا الشخص الذي شق عصا الطاعة للأمير ناقضا لعهده، لأن حقيقة العلاقة بين أمير الجماعة وأعضائها هي العهد والميثاق الذي أخذوه على أنفسهم بأن يطيعوا ويسمعوا لهذا الأمير الذي اختاروه ما لم يأمر بمعصية الله ورسوله، فيكون التعاون معه على البر والتقوى واجبا عينيا في ذممهم قد تعاهدوا واشترطوا على ذلك. والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: \”المؤمنون على شروطهم\” (رواه البخاري). وإخلاف الوعد من خصال المنافقين كما هو معلوم. ولكن إذا أمر ولي الأمر بمعصية الله ورسوله فحينئذ لا سمع ولا طاعة، لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق\” (رواه الإمام أحمد).

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال السادس:
ما حكم من يعصي أميره أو يعرض عن طاعته حينما يأمره بعمل خيري مشروع؟ وكيف يتعامل معه؟
الجواب:
لا شك أنه آثم، وينبغي نصحه وإرشاده ونهيه عن مثل هذه التصرفات الخاطئة والخطيرة، ولكن لا يجوز إقامة حد معين أو تعزير عليه، لأن هذا الأمر من مسؤولية الدولة الإسلامية، فإذا لم توجد الدولة الإسلامية يسقط هذا الواجب عنا، وأما مرتكب هذا الذنب وغيره سيسأل أمام الله عز وجل وهو تحت مشيئته -سبحانه وتعالى-.

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال السابع:
فضيلة الشيخ، ذكرتم أن حقيقة العلاقة بين أمير الجماعة وأعضائها هي التعاهد والتعاقد على البر والتقوى، فكيف تكون صورة هذا التعاهد؟ وهل أعضاء مثل هذه الجماعات يقومون بمبايعة أميرهم؟
الجواب:
لا، البيعة لا تشترط هنا، البيعة في الأصل يطلب ممن يريد الانضمام تحت لواء \”الجماعة العظمى\”، وأما التعاهد والتعاقد الذي يكون في \”الجماعة الصغرى\” يتم بالنظر إلى العرف في الغالب، فمثلا عامة المسلمين يلتفون حول عالم من علمائهم أو شيخ من مشايخهم معتبرينه إماما وقائدا لهم، وكذلك العلاقة بين الأستاذ وتلميذه مثال لما ذكرناه، فيكون الأستاذ بمنزلة الأمير على تلاميذه، فطلبة العلم يسمعون ويطيعون لشيخهم شرعا وعرفا، ويستشيرونه ويتقبلون توجيهاته في كل الأمور. فحتى لو لم تكن بينهم مبايعة فإنه يسود بينهم التقدير والاحترام والترتيب والانتظام. ولكن لو اقتضى الأمر أن يتبايعوا فيما بينهم فهذا أيضا جائز ومشروع. لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما كان في العهد المكي واجتمع بالأنصار في العقبة وبايعهم البيعة الأولى خفية، ولم تؤسس الدولة الإسلامية بعد، وحين بايع الأنصار (أهل المدينة) لم يبايعهم كأمير للدولة الإسلامية، بل بايعهم كنبي من عند الله فقط، أو نقول: كرجل عادي يقوم بالدعوة إلى الله لا غير.

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال الثامن:
إذاً، نفهم من هذا أن تشكيل جماعة إسلامية من أجل تحقيق أهداف شرعية أمر مشروع، أليس كذلك؟
الجواب:
ليس جائزا فحسب، بل هو واجب، أعني تحقيق مثل هذه الأهداف الخيرية النبيلة بالعمل الجماعي. إيصال الدعوة الإسلامية الصافية إلى الناس ونشر العقيدة الصحيحة بين المجتمعات التي صار فيها المنكر معروفا والمعروف منكرا، وابتعد فيها المسلمون عن تعليمات دينهم وشعائرهم الإسلامية بأسباب وعوامل كثيرة متنوعة، من سياسية واجتماعية واقتصادية وغير ذلك، وإنقاذهم من هذه الظلمات الحالكة والسيول الجارفة وكذلك نصرة المظلومين ومساعدة الفقراء والمحتاجين، كل هذه المسؤوليات وغيرها لا يمكن أداؤها بجهود فردية أبدا، بل لا بد فيها من عمل جماعي شامل. ولا بد من تأسيس الجماعات الإسلامية التي تتحمل هذه الأعباء.
ولله الحمد والمنة، توجد في كل بلد جماعات إسلامية قد شد أعضاؤها مآزرهم واستعدوا للتضحية والفداء من أجل نصرة أمتهم، فهم يبذلون كل ما وسعهم وطاقاهم من غير كلل ولا ملل. فيجب على كل مسلم أن يتمنى العضوية في مثل هذه الجماعات وأن يبحث عنها بكل جهده وطاقته وأن يلزمها فور حصوله عليها. فإن لم يجدها فإن المسلم الذي يتوقد في قلبه جمرة الإيمان يبذل قصارى جهده في تأسيسها والقيام بمهماتها. والله تعالى أعلم

القسم الثاني:

الجهاد من أجل الحق واجب

“أزوبكستان المسلمة” السؤال التاسع:
فضيلة الشيخ! قبل أن ننتقل معكم إلى السؤال التالي نرى أنه لا بد لنا أن نشرح لكم الظروف والأوضاع التي أدت لورود هذا السؤال؛ من المعلوم لديكم أن أغلبية الشعب الأوزبكي يعيشون تحت خط الفقر المدقع، والحكومة لا تقدر على إعاشة الشعب، والمساعدات التي تقدمها المنظمات المالية الدولية بمئات الملايين من الدولارات لا يرى لها أي أثر إيجابي في حياة عامة الشعب الأوزبكي. بل على العكس من ذلك: ما زالت الحكومة تلزم الناس بدفع الرسوم الباهظة وتقوم باستحداث الضرائب تلو الضرائب والتي أثقلت كاهل الغني فضلا عن الفقير. والدولة منشغلة بتشييد القصور الرئاسية الهائلة، وتقوية قوات الأمن والشرطة والجيش. ومن الطبيعي جدا أن الناس لا بد وأن يبحثوا عن سبل أخرى وطرق شتى للكسب والرزق من أجل إعاشة أنفسهم وأهليهم وأولادهم، وفي حالات كثيرة تراهم لا يبالون أ من الحلال يكتسبون أم من الحرام؟ وبالتالي لا يراعون لا بأنظمة الدولة ولا بقواعد الشريعة الإسلامية. ففي ظل هذه الظروف وبطبيعة الحال لا بد وأن تفقد المصالح الحكومية والمفاهيم الأخرى المختلفة أهميتها، فلو أن أحدا بدأ يتحدث عن هذه المسائل يمكنكم سماع مثل هذه الأجوبة الآتية: \”هل الدولة تفكر في حقوقي أصلا؟! فلماذا يجب علي أن أفكر في حقوقها؟! ما دام أنها لا تؤدي حقوقي فأنا أيضا لا أعترف بحقوقها علي! الدولة تغتصب مستحقاتي نهارا جهارا! وأنا أيضا أختلس من جيبها أموالي التي أستحقها بالطرق التي أجيدها!\” فهذا الشعار أصبح قانونا يعمل به لدى الكثيرين وإن كان غير مكتوب على ورق! فقد تولد الآن لدى الكثيرين هذا التساؤل: إذا كانت الحكومة هي التي تنتهك القوانين المقررة في البلاد فلماذا نطالب الشعب المسكين المغلوب على أمره أن يقوم بها أتم قيام؟!

وأما نحن المسلمين نعلم -علم اليقين- أن حياتنا الإسلامية لا تنبني على مثل هذه التناقضات والمتضادات. ومهما كانت الظروف نحن نبقى مسلمين، ولدينا شريعة ربانية. إذا كانت الدولة تخرق قوانينها فنحن يجب علينا أن نعمل بشريعتنا كاملا وبدون أي تلاعب. فالدولة ليست قدوة لنا في مخالفة الأنظمة والقواعد الإسلامية. بل يتحتم علينا أن نراعي تعليمات الكتاب والسنة في كل خطوة نخطوها وفي كل عمل نعمل به. فأي أمر يوافق هذا القانون [السماوي] المقدس فهو الحق الصائب، وكل الأمور التي تخالفه هو الباطل بعينه. فنحن نعتمد اعتمادا كاملا في تقييم أي أمر أو أية حادثة و أية نازلة على هذا الأساس الثابت!

وبناء على هذه المقدمة التمهيدية، أحببنا أن نسأل رأيكم حول نازلة من النوازل تتعلق بمشاكل الناس الاقتصادية وهمومهم اليومية:
كل الثروات والموارد الطبيعية في أوزبكستان، كالمياه والكهرباء وطاقات التدفئة والغاز، وغيرها تعتبرها الدولة ملكا لها، فهي تحتكرها وتبيعها للشعب بأسعار غالية، ومع ذلك لا توفرها لهم في موعدها الضروري الذي تَعِدُ به، ولا سيما في أيام الشتاء تزداد المشاكل والصعوبات في توزيع الغاز والكهرباء، مما يتسبب في معاناة الشعب المسكين في القرى والأرياف واضطرارهم للعيش بلا إنارة ولا تدفئة لعدم وصول الكهرباء والغاز إليهم. ولا تسأل عن تألم الأطفال من شدة البرد القارس. وبسبب هذه المظالم الحكومية يشرع الناس في التهرب من دفع رسوم هذه الخدمات. وبعضهم يعلنون ما في قلوبهم بصراحة: \”ما عندي حتى قيمة الخبز الذي أريد أن آكله فمن أين أدفع رسوم الكهرباء و الغاز؟!\”. ففي حالات الفقر المدقع هذه تتراكم الديون على عواتق و ذمم كثير من الناس للدولة حتى تصل إلى مئات الآلاف من \”السوم الأوزبكي\”.
وبعض الناس يستفيدون من خدمات الماء والكهرباء والغاز بالقدر الذي يستطيعون دفع رسومه ثم يقومون بتغيير أرقام أجهزة العدَّاد إلى الخلف، وبالتالي يدفعون أقل مما يلزمهم في الأصل. ويمكن أن يقال باختصار وبعبارة شديدة الصراحة: يخدعون الحكومة ويحتالون عليها!

فالخلاصة أن بعض الناس ينظرون إلى هذه المسألة و إلى هذه التصرفات بأنها غير جائزة من الناحية الشرعية، والبعض الآخر يرون أنها جائزة ولا غبار عليها. والذين يرون أنها لا تجوز شرعا يقولون: \”إن المسلم يجب أن يكون وفيًّا بعهده ولا يخلف وعده ومؤديا للشروط التي التزم بها. وهذه المسألة هي تعاهد وتعاقد بين الدولة وبين كل فرد من أفراد هذا الشعب. فالدولة وعدت وأعطت عهدا للشعب ومواطني هذا البلد بأن توفر لهم هذه الخدمات المذكورة في أوقات معينة وبأسعار محددة. وكذلك الشعب قد وعدوا بأن يدفعوا مستحقات الدولة من هذه الخدمات في مواعيدها. فعدم تسديد هذه الرسوم المتعاقد عليها يعتبر محرما، وتغيير أرقام أجهزة العداد إلى الخلف حكمه كحكم السرقة.

وأما الذين يجيزون عدم دفع هذه الرسوم -أي رسوم خدمات الماء والكهرباء والغاز ونحو ذلك- للدولة يقولون: \”الدولة هي التي تغش وتخون وتظلم مواطنيها. وأحوال الشعب الاقتصادية والمعنوية تتدهور إلى الهاوية يوما بعد يوم. فقد وكلتهم الدولة إلى أنفسهم بلا رعاية ولا إيواء بعد أن اغتصبت حقوقهم ونهبت ثرواتهم، ولا تدفع رواتب الموظفين بالقدر الكافي. وأقل الرواتب حوالي خمسة آلاف سوم أوزبكي، يعني: أربعة دولارات، أو بالكثير خمسة دولارات. فحتى هذه المبالغ الزهيدة لا تسلم لهم في الوقت المحدد في معظم الأماكن، وكثير من الموظفين يعملون منذ سنوات وهم لا يستلمون رواتبهم، وتقوم الدولة بتهدئتهم والتسويف عليهم خلال كل هذه المدة بإعطائهم قليلا من القمح في بعض الولايات، أو قليلا من البطاطس في أماكن أخرى، أو عدة ليترات من الزيت في قرية أخرى، وهكذا. فإذاً حقوق الناس على الدولة والتي لم تؤد إليهم كثيرة متراكمة. ولذلك يجوز لهؤلاء المظلومين ألا يدفعوا رسوم هذه الخدمات من مياه وكهرباء وغاز وغير ذلك. لأن الدولة قد نقضت عهودها وأبطلت شروطها مع المواطنين منذ أمد بعيد، فالعمل بها ومراعاتها بعد كل هذا ليس له أي معنى، فبالتالي كل هذه التصرفات المذكورة جائزة\”.

ومثل هذه الحالات ليست خاصة في مسألة الماء والكهرباء والغاز فقط، بل إن الناس صاروا يحاولون القيام بمثل هذه الأمور في كل معاملاتهم ومع أية شركة أو مصنع، فترى بعضهم يختلس الزيت وما أشبهه من شركة إنتاج القطن فيبيعه في السوق، والبعض الآخر الطوب واللبِن من مصنع الطوب، وآخرون يهربون الأقمشة والملابس من مؤسسة الخياطة، وهكذا.
وهنا نرى أنه لا بد أن نذكر بأنه في بعض البلاد المجاورة لأوزبكستان توجد شركات خاصة منفصلة عن الدوائر الحكومية، إلا أنها تقوم بالتنسيق والاتفاق معها. ولكن حتى في تلك الأماكن نرى من يقوم بمثل هذه التصرفات المذكورة أعلاها.

فالسؤال: ما تقييمكم لهذه الأوضاع ولهذه التصرفات والأمور؟
الجواب:
الجواب على هذا السؤال لا بد أن يكون مفصلا. أولا، يجب أن نقسم تصرفات الناس بهذه الطرق والحيل إلى قسمين: القسم الأول: المعاملات التي تكون مع الحكومة، والثاني: المعاملات التي تكون مع الشركات الخاصة أو مع أشخاص معينين.
ففي الحالة الأولى: مظالم الدولة تجاه الشعب واضحة جلية. ما دامت الحكومة لا تؤدي رواتب الناس وحقوقهم كاملة، وقد أغرقت الشعبَ المسكين في ظروف صعبة للغاية فإنها هي السبب في كل الجرائم والمصائب التي تقع في البلاد. لأن كثيرا من الناس لا يتحملون الصبر على الشدائد فيقومون ببعض الجرائم معتبرين أنفسهم بأنهم مضطرون على ذلك. ولذلك أوقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قطع يد السارق في عام المجاعة، وذلك لعلمه بكثرة وقوع مثل هذه التصرفات من الناس بسبب شدة الجوع والفقر. فمن سياسة الدولة الإسلامية تخفيف العقوبات والحدود التي تقام على المجرم حتى تقوم بتسهيل الخدمات المعيشية الضرورية وتوفير المؤن والتأمينات الغذائية والكسوة ونحو ذلك ورفع مستوى المواطنين المعيشي. وأما الحكومة التي تسلطت على بلادكم فهي على العكس تماما، فبدلا من رفع المستوى المعيشي للفقراء والمساكين تقوم باعتقال المسلمين وتعذيبهم وقتلهم بغير حق، فلم يبق لها أي احترام لدى الشعب، ولا ينبغي احترام الحكومة التي لم تحترم المسلمين. واستعمال الماء والكهرباء والغاز وعدم دفع رسومها للحكومة من قبل المظلومين لا يعتبر سرقة في مثل هذه الأوضاع المتردية. إذا كانت الحكومة لا تريد أن تقع مثل هذه الاختلاسات من قبل الشعب فلتقم هي أولا بأداء حقوقهم كاملة ورفع مستواهم المعيشي ورواتب العاملين وليدفعها في موعدها المحدد. ماذا يعني \”خمس دولارات\”؟! هذا مضحك وسخرية من الدولة، ومؤلم ومحزن لحال الشعب. كيف يعيش الناس بمثل هذا الراتب؟ وكم يأخذ موظفو الأجهزة الحكومية الخاصة؟ هل يعيشون ويرعون عيالهم بـ\”خمسة\” دولارات؟! كلا، لا يتحملون مثل هذه الحال أبدا. فالحكومة هي المجرمة وغير القانونية في الأصل، وهي التي تضطر الناس للسرقة، وإشاعة الجرائم. ونحن ننتقد قيام الناس بهذه الحركات وكأننا لا نرى جرائم أجهزة الدولة البشعة! ما يفعله الشعب المسكين هي في أرخص الأشياء وما لا بد منها للعيش، وأما المتسلطون على الدولة فإنهم ينهبون ويغتصبون جميع ثروات الشعب المغلوب على أمره. فإذاً السبب الرئيس لكل الجرائم التي تقع داخل الشعب هو الحكومة نفسها. ولكن مع ذلك كله، لا يمكن أن نبرر الجريمة أبدا أيـًّا كان فاعله. ولكن إذا نظرنا إلى التصرفات والحيل التي ذكرت في السؤال مجردا عن عوامل خارجية ليس من الإنصاف اعتباره جريمة. فما يقوم به كثير من الناس من تلك الحيل لا يجوز اعتباره سرقة أو غشا محرما. ويجدر بنا أن نذكر بهذه المناسبة قصة هند بنت عتبة -رضي الله عنها- مع زوجها أبي سفيان، وشكواها إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.

عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: جاءت هند بنت عتبة –زوجة أبي سفيان- إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: \”خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك\”. رواه مسلم.
ونستفيد من هذا الحديث وجوب قيام رب الأسرة بتأمين زوجته وأولاده بالنفقة، وكذلك: جواز اختلاس المرأة من مال زوجها بغير إذنه بالمعروف مقدارَ ما يكفيها وأولادها.
وإذا أضفت على مظالم الحكومة في الناحية الاقتصادية محاربتها الإسلام والمسلمين بكل صراحة ووقاحة انعدمت قانونيتها تماما وتتيقن بلا أدنى شك أو ريب بأن هذه الحكومة ليس لها أي حق أو احترام. وينبغي أن نذكر هنا قصة أبي عبيدة -رضي الله عنه- مع أهل الشام حيث قام -رضي الله عنه- برد الجزية التي أخذها من أهل الشام مقابل حمايتهم من الأعداء، وذلك حين عرف أنه لا يستطيع حمايتهم من جيوش الروم. ففي تلك الحالة تقوم الدولة الإسلامية بتخيير أهل الذمة وإرجاع ما أخذ منهم من الأموال مقابل حمايتهم من المعتدين. وأما الحكومة الأوزبكية فهي تعتدي على مواطنيها فضلا عن حمايتهم من الأعداء.
وقال الإمام الماوردي: \”… حتى إذا لم تقدر الدولة الإسلامية على الوفاء بعهدها الذي وعد بها لشعبها فإن حقها يكون ساقطا عن ذمة الشعب. وأما إذا كانت الدولة تحمي حقوق المسلمين وتؤدي لهم ما اشترطوا عليه فإن المعاهدة التي بينها وبين الشعب يجب أن يحافظ عليها، حتى وإن كانت دولة كافرة\”. هذه هي الحالة الأولى من معاملات الناس.

وأما حكم الحالة الثانية يختلف عن الحالة الأولى، يعني: إذا كانت الخدمات المذكورة سابقا (من ماء وكهرباء وغاز وغيرها) ليست تابعة للدولة، وإنما هي بملكية شركات خاصة فإنه يجب أداء مستحقاتها كاملة موفاة. لأنها شركات خاصة ويملكها أناس معينون، وليس عليهم مظالم لدى الناس، ولم يقوموا بخيانتهم ومعاداتهم وبخس حقوقهم. والله -سبحانه وتعالى- يقول:
{وأوفوا بالعهد إن العهد كان عته مسئولا}. وقال سبحانه: {أوفوا بالعقود}. وفي الحديث الصحيح: \”المسلمون على شروطهم ما لم يعص الله\”. وأما الاستدلال بهذه النصوص لصالح الدولة الظالمة فغير صحيح، لأن الدولة قد نقضت عهودها قبل كل أحد ولم تعد تراعها أو تعمل بها. وأما الشركات الخاصة وأصحاب التجارات المستقلين إذا كانوا يؤدون ما عليهم كما يجب ويوفون بعهودهم وشروطهم فاحترامهم ومراعاة أداء حقوقهم والعمل بشروطهم واجبة علينا، حتى لو كان أصحابها من الكفار، لأنهم أشخاص يعملون من أجل إعاشة أنفسهم ومن يعولون، فلا يجوز اختلاس أموالهم أو بخس حقوقهم. وقد قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”أعطوا الأجير أجره قبل أن يجِفَّ عرقه\” (رواه ابن ماجه).

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال العاشر:
فضيلة الشيخ، يرد هنا سؤال آخر: إذا كانت هذا الاختلاس و الأخذ بغير إذن المالك ليست من أملاك الدولة التي يظلم الشعب ولا من الشركات الخاصة أو من أشخاص معينين، وإنما من أموال وأملاك الجماعات الإسلامية، فما هو الموقف الواجب اتخاذه تجاه هذا التصرف؟
الجواب:
الأخذ من ملك الجماعة بغير إذن شرعي حرام. لما توفي أحد المسلمين في غزوة خيبر قال الصحابة -رضي الله عنهم- عنه: \”هنيئا له الجنة\”، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها قبل أن تقسم الغنائم لتشتعل عليه نارا\”. فقام أحد الحاضرين وجاء بشراك أو شراكين قد غلها أيضا ووضعها أمام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال عليه الصلاة والسلام: \”شراك أو شراكان من نار\”. (رواه البخاري وأبو داود). فالاعتداء على أموال الجماعة من كبائر الذنوب.
يجب علينا أن ننظر بكامل التقدير والاحترام للجماعات الإسلامية والمؤسسات الخيرية التي تسعى بإخلاص ونية صادقة في خدمة الشعوب الإسلامية ومساعدة المحتاجين والفقراء ونصرة الدين الإسلامي. وينبغي على كل مسلم أن يعتقد بأن تعاونه معهم من مسئولياته المقدسة والعظيمة، لأن هذه الواجبات ليست من مسئولياتهم فقط، بل هي واجبة في ذمة كل مسلم، وكلنا مسئولون عنها أمام الله عز وجل.

“أوزبكستان المسلمة”: السؤال الحادي عشر:
إذا كانت أموالا تابعة لرياض الأطفال أو المدارس، وكلها تابعة لتصرف الدولة؟
الجواب:
الأخذ من رياض الأطفال ليس كالأخذ من الحكومة نفسها، بل هو سرقة لحقوق الأطفال بعينها. وهذا حرام قطعا، ولا سيما إذا كان بينهم أيتام فخطر الجريمة أشد، وكذلك الحال بالنسبة للمدارس. ولا أظن أن الأموال التي تختلس من هذه الأماكن تعاد من قبل الحكومة كما كانت. والذين يتعلمون ويدرسون في هذه المدارس ورياض الأطفال إنما هم أولاد الشعب وأولاد المسلمين، فالضرر الذي يُـلحق بهم كالضرر الذي يُلحق بالشعب نفسه.

“أوزبكستان المسلمة”:
جزاكم الله خيرا كثيرا طيبا مباركا فيه، شيخنا الكريم، نكرر لكم مرة أخرى الشكر الجزيل والثناء الفضيل لتكرمكم بالإجابة على هذه الأسئلة. وفي ختام لقائنا بكم نتقدم إليكم بهذا السؤال الأهم لدى أعضاء هذا الموقع وزواره والذي يكون بمثابة المسك الذي يختم به اللقاء الطيب المبارك: ما هي توجيهات سماحتكم إلى أهل أوزبكستان المسلمة من الرجال والشباب وطلبة العلم وما هي دعواتكم الطيبة لهم وآمالكم التي تتطلعون لها وتنتظرونها منهم؟
الجواب:
أولا؛ أريد أن أؤكد لكم بأن أوزبكستان هي وطني الحبيب أيضا. فهذا البلد هو البلد المبارك الذي ولد فيه ونشأ والداي الكريمان، وكل المسلمين هناك هم من أقربائي وأبناء وطني. وأستغل هذه المناسبة الطيبة معكم بتوجيه دعواتي الصالحة لهم، وأرجو منكم إبلاغ سلامي إليهم من أعماق قلبي. وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقهم لخيري الدنيا والآخرة، وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم عند مليك مقتدر.

وأما توصياتي وتوجيهاتي إليهم فإني أرغب أن أستطرد فيها قليلا:
من الواضح الجلي للعالم أجمع -شرقه وغربه- أن المسلمين في أوزبكستان يعيشون تحت الظلم والقهر والتضييق. التعذيبات الوحشية التي تمارس للسجناء المسلمين –ولا سيما السجينات المسلمات- في المعتقلات وغرف التحقيق تقشعر من ذكرها الجلود وتفزع مشاعر الإنسان. الحكومة الأوزبكية بأجهزتها الخبيثة من مخابرات ووزارة داخلية ومحاكم صورية ارتكبت وما زالت ترتكب الجرائم تجاه الشعب الأعزل. فالحالة الدينية والسياسية والاقتصادية في وضع سيء للغاية. فلم يكتف الرئيس الأوزبكي باعتقال آلاف المسلمين الأبرياء وتعذيبهم في السجون، بل إنه أصبح يتلاعب بهم ويكذب عليهم بإعلان عفوه العام المزعوم عن السجناء –الذين ليس لهم أي ذنب أو تهمة في الأصل- ثم لا يطبقه بالتساوي لجميع المعفوين عنهم –حسب زعمه-. وإلا في حقيقة الأمر يجب إطلاق سراح جميع المسلمين بلا أي شرط أو رشوة، وعلى الرئيس أن يعتذر علنا من المسلمين خاصة ومن الشعب الأوزبكي عامة. ومن شدة ووحشية التعذيبات التي تمارسها الحكومة ضد السجناء أجريت بعض التحقيقات والمحاكمات حولها في دوائر الأمم المتحدة. ونحن على علم واطلاع من قيام الممثل الخاص للجنة الأمم المتحدة ضد التعذيبات \”تيو وان باوي\” بزيارة لبعض السجون الأوزبكية وإجرائه بعض المقابلات مع من تعرضوا لتلك التعذيبات، ومن ثم إصداره تقريرا يدين فيه تلك التعذيبات التي تمارس ضد المسلمين. والتقاعس عن النصرة والدفاع عن حقوق هؤلاء المظلومين وعدم ردع الظالم عن ظلمه أو السعي إلى إيجاد حل لهذه الأزمات وإيثار الصمت المميت تجاهها –بعد الاطلاع عليها ومعرفة حقيقة الأمر- ليس إلا مشاركة لوقوع هذه المظالم والجرائم. كيف نفسر سكوت العلماء والأئمة عن قضايا إخوانهم في الدين في أوزبكستان وما يتعرضون له من التقتيل والتنكيل في الوقت الذي يتكلم عنها ويدافع عن قضاياهم المنظمات غير الإسلامية والشخصيات غير المسلمة. بل كيف نقول عن تلك المبالغات العجيبة في الثناء على هذه الدولة الظالمة ومدحها والانتصار لها وصرف الدعوات الصالحة لرئيسها الدكتاتور المجرم والتي يطلقها أئمة المساجد من بيوت الله وفي نفس الوقت يسبون ويلعنون من يظهر فضائح هذه الدولة التي هتكت أعراض المسلمات بخلع جلابيبهم وطردهن من المدارس والوظائف بل قامت بهدم وإغلاق آلاف المساجد وحاربت دين الله عز وجل بكل الوسائل والأساليب، ماذا نقول عمن يدافع عن كل هذه الجرائم؟! وهل يتصور أن يصدر هذا من مسلم عامي فضلا عن من ينتسب إلى العلم والفضل؟! كلا وألف كلا!!

أنا أدعو –أولا وقبل كل أحد- مشايخ أوزبكستان وأئمة المساجد وطلبة العلم إلى أن يخافوا الله -جل وعلا- لا أن يخافوا من \”كريموف\”، يجب على أهل العلم والقدوة لدى الناس أن يقوموا بواجباتهم الدينية المقدسة بكل إخلاص وصدق وإيمان. عليهم أن ينتصروا للمظلومين لا لهذه الحكومة الظالمة. من أوجب الواجبات المتحتمات عليهم أن يبلغوا كلام الله -سبحانه وتعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس كاملة بدون نقصان، وأن يقوموا بالإنكار على الظلمة وأن يسعوا لإصلاح أوضاع المسلمين، وأن يكونوا قدوة صالحة للعامة بوقوف العلماء في الصف الأول دائما وفي كل الأزمات.
قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: \”من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان\”.
فهل يعتقد مشايخ أوزبكستان بأنهم أضعف الناس إيمانا؟! لم لا نسمع منهم -ولو كلمة واحدة- ينكرون بها على الظلم والإجرام؟! نعم لم ولن يترك الصادع بكلمة الحق آمنا مطمئنا! ولكن انظر وراجع التاريخ الإسلامي ترى من الذي صدع بالحق قولا وفعلا وثبت عليه في كل المصائب والأزمات التي مر بها المسلمون! ومن الذي يطلب منه مثل هذه الشجاعة؟ ألا يعلم أولئك أن الفوز بالجنة ليس بالأمر الهين. ألم يقل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بأن \”الجنة حفت بالمكاره\”؟! ولذا لن تنتصر على الأعداء بسهولة ويسر.

إضافة إلى هذه المقترحات ينبغي أن نجلي حقيقة أخرى لا بد أن تكون تابعة لسابقتها: إذا قام الدعاة الربانيون بواجبهم بدعوة الناس إلى الطريق الحق والإنكار على ممارسات الظلم والعدوان يجب على عامة المسلمين أيضا تأييدهم والانتصار لدعوتهم. لأن العلماء الحقانيين لا يعيشون لمصالح أنفسهم، وإنما يحيون بهموم وغموم مصلحة الأمة وهدايتها بامتثال كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فما دام الأمر كذلك فإنه يجب على الأمة أيضا الالتفاف حول علمائها المخلصين والقيام بنصرتهم وحمايتهم من المعتدين عليهم، وكذلك يجب على الأمة أن يسمعوا ويطيعوا لهم. لماذا نؤكد على هذه الحقيقة؟ لأننا نرى بعض الناس ينتقدون ويلومون أهل العلم والأئمة الذين صدعوا بالحق وأعلنوا مخالفتهم لهذه الحكومة الطاغية. فانتقاد أولئك العلماء أمر محرم وشنيع. كيف وهم القلة القليلة الذين ثبتوا على الحق والجادة، ومع ذلك نرى من يلمزهم ويخذلهم بدلا من الانتصار لهم؟!. فاليوم يجب على أهل أوزبكستان أن يقفوا جنبا إلى جنب كالجسد الواحد مع العلماء والدعاة والأئمة الذين يصدعون بكلمة الحق ولا يخافون في الله لومة لائم، ومن أهم الواجبات كذلك؛ الصبر الجميل على الأذى والضرر الذي يحصل بسبب الدعوة. قال الله تعالى على لسان لقمان وهو يعظ ابنه: {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك}. ويدل هذه الآية دلالة واضحة على أن ثمة بعد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصائب وابتلاءات وفتن وأذى كثيرة من قبل الأعداء تنتظر الداعية. ففي مثل هذه المرحلة نحن مأمورون جميعا بالصبر والمثابرة. وأول ما يجب في الصبر هو حفظ اللسان من كل ما لا يجوز أن يتلفظ به، وخاصة من الوقيعة في أعراض أولى الأمر والقيادات الإسلامية من العلماء [المخلصين] وطلبة العلم وإخوانه المسلمين بتوجيه اللوم والاتهامات الباطلة تجاههم. ولا بد من تحذير المسلمين عن خطأ خطير يقع غالبا عندما تمر الأمة بأيام المحن والابتلاءات فيكثر فيها غيبة بعضها البعض وكل واحد يلقي اللوم على الآخرين ويرى أنهم هم السبب في المصائب وجر الويلات على الأمة وهكذا… وهذا بالذات هو ما يريده الأعداء منا. ونحن نؤمل عليكم ونرجو منكم –يا أهل وطني- أن تكونوا يدا واحدة على من سواكم من الكفار والمنافقين ورحماء بينكم متعاونين على كل خير وأن يواسي بعضكم بعضا عند المصائب. وأما من ينشغل بإثارة مثل هذه الفتن لا شك أنه قد أدخل السرور في قلوب الكفار والمنافقين. وأنتم إذا سترتم عيوب بعضكم البعض وكنتم إخوة متحابين متآزرين وسرتم على هذا المنهج الحق بالصبر والثبات لينصرن الله بكم الدين وتستحقون النصر والتمكين والغلبة على أعداء الدين.

لا ينبغي البحث عن الأسباب الجذرية التي أدت إلى هذه الأوضاع المزرية في أوزبكستان من كل النواحي الدينية والسياسية والاقتصادية وغيرها –لا ينبغي البحث عن أسباب هذه المأسي- من داخل المسلمين. بل يجب أن تعرفوا أن السبب الرئيس في كل هذه التدهورات والانحطاطات هو السياسة العوجاء التي جاءت بها هذه الحكومة الطاغية التي تسلطت على الشعب الأوزبكي، وأما الدخول في المتاهات حول هذه القضايا فهي حماقة وغباء، لأن الحقيقة الواضحة كالشمس لا يبحث عنها. وإذا لم تكن الحكومة الأوزبكية هي السبب الأساس لكل هذه البلايا والشرور فلماذا يشن \”كريموف\” حملاته الوحشية على الشعب الأوزبكي أجمع؟! هل بقي أحد لم يصبه طغيان كريموف؟! هل سلم مجال من مجالات الحياة لم تصبها سهام كريموف؟! لو كان \”الوهابيون\” السبب لمظالمه فلماذا إذاً ألقي الأئمة \”غير الوهابيين\” في المعتقلات؟! وهل المسلمون هم السبب في إغلاق الأسواق التجارية بل هدم كثير منها بالكامل والهجوم على عامة التجار؟! ولماذا أدرج مئات الآلاف من المسلمين في اللائحة السوداء لدى الحكومة؟! ما هو ذنب كل هؤلاء المسلمين؟ الجواب: كل هذا ليس إلا نتيجة لسياسة الدكتاتور الأوزبكي!!

وإذا لزم أن نتحدث عن أخطاء المسلمين فإننا نقول بأن أهم الأخطاء عندهم عدم قوة الترابط والائتلاف فيما بينهم لإعلاء كلمة الله، وانتشار الفرقة والخلاف لعدم وضوح المنهج الصحيح لديهم لمعاناتهم من الجهل والنقصان في العلوم الدينية والسياسية وفقه المرحلة وعدم معرفتهم الكاملة بالمفاهيم الصحيحة حول كيفية تطبيق الدين على الواقع. فهذه الأخطاء يجب أن تعالج بالحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب الأمثل.
وأما نصائحي وتوجيهاتي لطلبة العلم في أوزبكستان؛ يجب عليهم أن يصرفوا أكبر اهتماماتهم لتعلم العلوم الإسلامية وكيفية تطبيق الأوامر الشرعية في الحياة. لا يجوز لهم أن يتقاعسوا عن هذه الواجبات ويتركوا الجدية والأعمال الخيرية الكثيرة بدعوى أن وقتها لم يأت بعد. ويجب أن يدركوا هذه الحقيقة جيدا؛ وهي أن نشر وتبليغ الدعوة الإسلامية والدين الإسلامي إنما يكون بتنفيذ ما يغضب أعداء الإسلام ولا يترك لهم قرارا، وأحيانا يضطر طالب العلم لمواجهتهم بالشجاعة والثبات. وإلا لن يترك لكم الأعداء شيئا، لأنهم لا يريدون انتشار الإسلام واتساع رقعته. هل تتصورون أن أعداء الإسلام ترضيهم استقامة الشباب على الإسلام وأداؤهم للصلوت مع جماعة المسلمين وتحجب الفتيات المسلمات؟! إذا تردد الطالب الجامعي إلى المساجد وأعفى لحيته هل يفرحون بذلك؟ لا شك أن هذه الأمور يثير غضبهم وجنونهم! وأما أنتم –شباب الإسلام- على ذمتكم مسئولية تطبيق هذه الأوامر الربانية. وما دام الأمر هكذا فمهما حاولتم أن تؤدوا الشرائع والأوامر الإسلامية بطرق سلمية لا بد وأن تلاقوا الفتن والمحن والصدود عن هذا الطريق الحق –شئتم أم أبيتم-. فالأعداء يحاولون بكل مكرهم وأساليبهم الخبيثة على صرفكم وقطع الطريق عليكم وخنق طريق الإسلام، فلذا لا بد أن يتغذى طلبة العلم بروح الدفاع عن الدين الحق والصراع الجاد من أجله، ونقول بعبارة واضحة جلية: لا بد أن يوجد لديهم الروح الجهادية. وأما الجبن والخور والخمول واليأس من نصر الله والبحث عن الرفاهية والعيش الهنيء لا يأتي إلا بالشر والضرر. وليكن طالب العلم ربانيا حقانيا صادقا ثابتا قوي الجأش يتطلع للمجد والعظمة الحقيقية يتحمل جميع المشاق والمحن في سبيل تحقيق أهدافه السامية ولا يخاف في الله لومة لائم! لأن هذه الصفات هي صفات المؤمن الصادق –أولا-، وثانيا: لأن طالب العلم هو عالم المستقبل وتعقد الأمة عليه الأمل بإذن الله، والعلماء الربانيون كانوا يرفعون همم الناس ومعنوياتهم وروحانياتهم إلى العلياء دائما، حتى إنهم كانوا يحرضونهم على الجهاد في سبيل الله قولا وعملا. وإذا كان طلاب العلم منذ بداية طلبهم يتعودون على الجبن والخوف والتأخر عن الصفوف الأولى وكتمان الحق والسكوت عن الظلم والعدوان والجرائم بدعوى الصبر، سيصيرون في اليوم الذي يعتقد فيه العوام أنهم صاروا علماء أيضا جبناء وضعفاء مضطرون للتبعية لا يستطيعون السير بأنفسهم، أينما يوجَّهون لا يأتون بخير. بل لا يبقى لهم سوى أن يكونوا لعبة وسلاحا بأيدي الظلمة الجبارين يخدمونهم في ضرب الإسلام والمسلمين. أو على أحسن الأحوال يفضلون العزلة والهروب من تحمل المسئوليات. وبالتالي يحاولون تبرير مواقفهم البائسة وعيوبهم الظاهرة حينما يرون طائفة ممن يصدعون بالحق ويعملون بالجدية والحزم، لمعرفتهم بضعفهم وعدم استطاعتهم على الانضمام إليهم، فلا يجدون وسيلة تحقق لهم هذا التهرب إلا الطعن في جهود تلك الطائفة أو بعض الشخصيات البارزة (في مجال الدعوة والجهاد. لأنهم لا يقدرون لا على الانضمام إلى هؤلاء ولا على تصحيح أخطائهم. والواجب المتعين في الحقيقة أن الإنسان إذا رأى أن قوما من الصالحين يحققون ما لم يستطع هو على تحقيقه أن ينضم إليهم ويتعاون معهم وأن يصحح لهم أخطاءهم بالحكمة، أو على الأقل أن يدعو لهم بالتوفيق والسداد وأن يحفظ قلبه ولسانه من الطعن فيهم. فالمقصود: أن عدم استطاعة الشخص على اتخاذ مثل هذه المواقف الصحيحة الثابتة إنما تكون نتيجة سيئة للتربية الخاطئة منذ أن يكون طالبا صغيرا وكذلك بسبب قلة نصيبه من نعمة إخلاص النية لوجه الله -سبحانه وتعالى-.

ولكن يجب ألا يفهم من توجهاتي هذه أنني أقصد الجهاد المسلح والقتال بالذات، لا، نحن نعارض وننكر سفك الدماء بغير حق وانعدام أمن واستقرار المسلمين، فالقيام بالتفجيرات هنا وهناك والتسبب في جعل عامة الشعب الآمن ضحايا العنف والفوضوية لا يجوز. فالجهاد له ضوابطه وقواعده، وله ميقاته وميعاده الذي سيأتي، ويجب أن يكون بقيادة العلماء وتوجيههم. وإنما مقصودنا من التوجيهات السابقة؛ أولا: أن الإنسان لا بد أن يتربى بالروح الجهادية حتى يستطيع أن يصدع بكلمة الحق. لأنها أيضا جهاد. ثانيا: والجهاد كما قلنا له شروطه وضوابطه، فلا بد من دراسته وتعلمه أولا، وهو من العلوم الدينية الواجبة. فإذا أهمل هذا المجال وتهرب العلماء من الحديث عن الجهاد في سبيل الله فهذا هو من أكبر أسباب الفوضوية وانعدام الطاعة للعلماء. لأنك مهما حاولت على الإخفاء والكتمان فلن تحجب القمر بطرف الثوب! ولن يندرس علم ومفهوم الجهاد والقتال في سبيل الله. فما دام الأمر هكذا إذاً ما هي القضية التي يجب أن نحسب حسابها ونتقي الأخطاء المتوقعة فيها؟ لا بد أن نعلم جيدا أن العلماء إذا تهربوا وبحثوا عن الطرق السهلة المريحة سيخرج من الشباب الصغار من يريد أن يجاهد كما يحلو له. والنتيجة المؤلمة في هذه الحالة أننا نتفرق إلى طرفي نقيض: طرف ممن ينسبون إلى العلم والفقه تعوَّد على الرفاهية والجبن وعدم تحمل المشاق ومن لا يهتم بقضايا دينه العصيبة حتى لو غرق العالم بالطوفان لا يبالي بشيء وكأن الماء لم يصل إلى كعبيه -كما يقال في المثل الأوزبكي-، وفي الطرف الآخر: شباب متهور لا يخاف من أي شيء ولا يفكر في عواقب تصرفاته الارتجالية ولا يسمع لأي أحد. إذا من يبقى على المنهج الصحيح؟!

والحقيقة أن مفهوم الدفاع عن الوطن متأصل ومتقرر لدى الجميع حتى الكفار من الديموقراطيين وغيرهم يصرحون بذلك علنا. وهل تظن أنه يمكن توجيه الشعوب الإسلامية إلى الدفاع عن الوطن بدون جهاد؟! أو تظن أن البلاد الإسلامية أصبحت مستغنية عن الدفاع والحماية؟! أو أننا لا نتكلم عن هذه المسألة إلا عندما يدعو الكفرة والمنافقون من الديموقراطيين وأمثالهم المسلمين إلى الجهاد لاستغلالهم من أجل مصالحهم الشخصية؟!
وأنتم –يا أعضاء هذا الموقع المبارك- افضحوا هؤلاء المجرمين الذين يعتقلون المسلمين ويعذبونهم ويقتلونهم بالطرق الوحشية البشعة، افضحوا هؤلاء الخونة عبر موقعكم هذا في الإنترنت، أعلنوا عن أسمائهم وأسماء عوائلهم وصورهم وعناوينهم، وانشروا فضائحهم الإجرامية في العالم بحسب إمكانياتكم. وإلا لن يتوقفوا عن مظالمهم أبدا. والإعلام قوة كبيرة، وأعداء الإسلام يستخدمون وسائل الإعلام هذه لمحاربة المسلمين وضرب معاقل الإسلام بكل حرية. وأما المسلمون فغالبيتهم لا يهتمون به، وليس لديهم مؤهلون وأصحاب خبرة في هذا المجال بالقدر الكافي. فلذا يجب علينا حتميا أن نقوي أنفسنا في هذا الجانب، لأن أعداء الإسلام يخافون من انكشاف سوءاتهم وفضائحهم أمام العالم. وكذلك ينبغي أن تهتموا بحث وترغيب أعضاء منظمات حقوق الإنسان بإرسال التقارير تلو التقارير إليهم حول هذه القضايا الهامة. لأن تلك المنظمات الحقوقية تقوم بإنجازات كثيرة مما لا يستطيع المسلمون أن يقوموا به لمنعهم وحظرهم [من قبل الدول الكافرة الظالمة. فمنظمات حقوق الإنسان العالمية والمحلية لديها إمكانيات للضغط على الحكومات لتخفيف الأوضاع على المسلمين.

وهنا يجدر بنا أن نذكر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية التالي:
\”يتعبد لله في كل زمان بما يؤمر به مما يناسب ذلك الزمان\”. والحرب الإعلامية واستغلال وسائل الإعلام من مقتضيات الصراع الذي لا بد منه في العصر الحاضر، فلذا نصرة الدين الإسلامي باستخدام هذه الوسيلة من المطالب المهمة في هذه الأيام. وهذه أيضا نوع من أنواع العبادة إذا صلحت النية. والمسألة ليست منحصرة في الإعلام فقط، بل إذا اقتضت الضرورة ينبغي نقوية وتطوير التحركات السياسية لأهل السنة والجماعة، وهذا أيضا جائز ومطلوب.
يجب أن يكون المسلمون هم أقوى شعوب العالم في جميع المجالات، فيكونوا أعلم الناس وأشجعهم وأعلاهم همة وطموحا وإقداما. وكما أنهم يهتمون بالفنون والعلوم الإسلامية يجب عليهم أن يهتموا بجمع العلوم الدنيوية النافعة والتطورات الـتـقنية (التكنولوجيا)، وجميع أنواع وإمكانيات القوة الإنسانية، ومن ثم استغلالها لمنافع الإسلام والشعوب الإسلامية حتى ينالوا مرضات الله -سبحانه وتعالى-. فحينئذ ينتصر المسلمون ويوفقون لإعزاز دين الإسلام وإعلاء كلمة الله على وجه الأرض إن شاء الله. ونحن نسأل الله عز وجل أن يوفقكم لمثل هذه الخيرات والإنجازات العظيمة. وليس ذلك على الله بعزيز.

“أزوبكستان المسلمة”:
نسأل الله أن يستجيب دعواتكم ويحقق آمالكم العظيمة هذه، وألا يحرمكم من أجرها وثوابها. والعلماء الربانيون الذين لا يخافون في الله لومة لائم من أمثال سماحتكم هم فخرنا واعتزازنا. والله عز وجل يبرهن ويبين للناس ولطلبة العلم في كل عصر القدوة المثالية الصادقة في تحمل هموم وغموم الدين والأمة والتضحية في سبيل الله وإيثار مرضات الله على كل شيء بإظهار عدد من العلماء الصادقين الذين يوجهون الأمة إلى الطريق الصحيح وإلى بر الأمان، فنحن نرجو الله العلي القدير أن يجعلكم منهم وأن يجازيكم -عن الأمة الإسلامية عامة والشعب الأوزبكي المسلم خاصة وعنا بالأخص- خير الجزاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[نهاية القسم الثاني]

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف المناهج. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.