لقد قدم الإسلام ضمانات واسعة للأفراد والمجتمعات وبشكل غير مسبوق وفيما يلي طرف منها:
1- الكرامة الإنسانية: وهو ضمان متفرع من ضمان الحياة نفسها ، قال تعالى: ) ولقد كرمنا بني آدم([1][1] ، وعن جابر بن عبد الله قال: طلقت خالتي فأرادت أن تَجُدَّ[2][2] نخلها فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت النبي r فقال: “بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا”[3][3].
2- الزواج: قال النبي r: “من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً ، فإن لم يكن له مسكنٌ فليكتسب مسكناً … من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق“[4][4]، وأمر عمر بن عبد العزيز t عامله: “أن انظر كل بكر ليس له مال فشاء أن تزوجه فزوجه وأصدق عنه”[5][5].
3- العيش اللائق: قال الإمام ابن حزم: “فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه ، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك”[6][6] ، وقال الإمام النووي: “المعتبر… المطعم والملبس والمسكن ، وسائر ما لابد منه على مايليق بحاله ، بغير إسراف ولا إقتار …”[7][7]
4- السكن: قال النبي r : “من كان لنا عاملا ، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا”[8][8]، وذكر ابن حزم من حقوقهم “و بمسكن يكنهم من المطر والشمس وعيون المارة”[9][9].
5- العلاج والرعاية الصحية: في حديث جابر t قال: “بعث رسول الله r إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه”[10][10] ، وذكر ابن مِنده أنه “مرض سعد فعاده النبي r فقال: إني لأرجو أن يشفيك الله ، ثم قال للحارث بن كلده: عالج سعدا …”[11][11]، وذكر القاضي أبو يوسف[12][12] أن عمر بن الخطاب t كان إذا بلغه أن عامله لا يعود المريض عزله عن منصبه!
6- الشيخوخة: مر عمر t بشيخ يهودي كبير قد عمي ، فأرسل إلى خازن بيت المال فقال: أنظر هذا و ضرباءه ، فو الله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم )إنما الصدقات للفقراء والمساكين([13][13] والفقراء هم المسلمون ، وهذا من المساكين من أهل الكتاب”[14][14]
7- تقدير أصحاب السابقة[15][15]: لما جاءت الأموال قال عمر t : “لا أجعل من قاتل رسول الله r كمن قاتل معه”[16][16]، وفرض لأبناء المهاجرين والأنصار ألفين ألفين ، ولعمر بن أبي سلمة أربعة آلاف (لسابقة أمه رضي الله عنها) ، فقال محمد بن عبد الله بن جحش: لم تفضل عمر علينا ، ألهجرة أبيه؟ فقد هاجر آباؤنا وشهدوا بدرا ؛ فقال عمر بن الخطاب t: “أفضله لمكانه من رسول الله r ، فليأت الذي يستعتبُ بأم مثل أمه أعتبه”[17][17].
8- ضمان التعلم: كان فداء أسارى بدر تعليم أبناء المسلمين[18][18] ، وصار للتعليم في حياة الأمة المسلمة مكانة جليلة ، ومن آثار ذلك أن المكتبة العظيمة المسماة: خزانة الحكمة “يقصدها الناس من كل بلد فيقيمون فيها ويتعلمون منها صنوف العلم ، والكتب مبذولة في ذلك لهم ، والأرزاق مغدقة عليهم [أما مكتبة دار العلم في الموصل فجعل منشؤها فيها] خزانةكتب من جميع العلوم وقفا على كل طالب علم لا يُمنع أحد من دخولها ، وإذا جاءها غريب يطلب الأدب وكان معسرا أعطاهُ وَرَقا ووَرِقا (أي كتبا ونقودا) ، وكانت تفتح في كل يوم … “[19][19]. “وتفيد تقارير من دمشق عام 1500م عن وجود 150 مدرسة ، وعن عدد مماثل من المكتبات ، كذلك أسس القاضي الفاضل مدرسة في مصر في القرن الثالث عشر [الميلادي] زودها بمائة ألف كتاب ، وحينما تأسست المدرسة الكبيرة المعروفة بالمستنصرية [في بغداد] عام 1234[م] نقل إليها بعض الكتب من مكتبة الخليفة تبلغ ثمانين ألف كتاب”[20][20].
9- تعويض التفرغ: لما ولي أبو بكر رضي الله عنه الخلافة ؛ حدد الصحابة له راتبا سنويا قدره ألفا درهم فقال: “زيدوني فإن لي عيالا ، وقد شغلتموني عن التجارة ، فزادوه خمسمائة”[21][21]، وذكر ابن حجر عن الطيبي “أن من اتصف بالشغل المذكور حقيق أن يأكل هو وعياله من بيت المال”[22][22] ، “ولم يكن المدرسون في صدر الإسلام يأخذون أجرا على تعليمهم حتى إذا امتد الزمن واتسعت الحضارة وبنيت المدارس ، وأوقف لها الأوقاف ؛ جعل للمدرسين فيها رواتب شهرية … وأصبح للمدرسين رواتب تختلف بين الكثرة والقلة بحسب الأمصار والمدارس والأوقاف ، ولكنها على كل حال كانت كافية ليعيش المدرس عيشة هانئة”[23][23].
10- التعويض العائلي: في عهد عمر بن الخطاب t “قسم المال مرة فسوى بين الناس ، ولكن راعى أحوالهم الاجتماعية ، فإن كان الرجل وحده أعطاه نصف دينار ، وإن كانت معه امرأته أعطاه دينارا”[24][24]، و “كان رأي عمر بن الخطاب الأول: أن لايفرض للرضيع حتى يُفطم ، ثم تركه وفرض لكل مولود”[25][25] ، وفرض عثمان t للعيال مائة مائة[26][26]، وكذلك علي t أثبت المولود في مائة[27][27] [درهم].
11- رعاية المحترفين وتشجيعهم : قال الإمام النووي: “فإن كان عادته الاحتراف أعطي ما يشتري به حرفته …“[28][28]
12- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يقول الله تعالى: ]وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُم أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّه وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [29][29](، وفي هذا من ضمانات الحماية العامة للمجتمع ، والتي تقوم على الوعي الجماعي ؛ مالا يخفى من أسباب القوة والاستقرار.
13- الترويح والتنـزه المباح: لقد أرسى الحديث الشريف: “ ياحنظلة ساعة وساعة“[30][30] مبدأ إعطاء النفس حقها من الترويح المباح ، ومن عجيب ماذكره المؤرخون أن نور الدين (الشهيد) قد بنى في الربوة قصرا للفقراء ، وأوقف عليه قرية داريا[31][31].
14- التمتع بالازدهار والرخاء: “أن انظر كل من أدان في غير سفه ولا سرف فاقض عنه” ومن ضعف عن أرضه “فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه ، فإنا لا نريدهم لعام ولا عامين”[32][32].
15- احترام الاختصاص: عن قيس بن طلق عن أبيه قال: جئت إلى النبي r وأصحابه يبنون المسجد ، قال: فكأنه لم يعجبه عملهم ، قال: فأخذت المسحاة فخلطت بها الطين ؛ فكأنه أعجبه أخذي المسحاة وعملي ، فقال: دعوا الحنفي والطين فإنه أضبطكم للطين”[33][33].
16- التعويض المناسب: “وفي ترجمة كعيبة بنت سعد الأسلمية t نقلا عن ابن سعد ، هي التي كانت تكون في المسجد لها خيمة تداوي المرضى والجرحى ، وكان سعد بن معاذ t حين رُمي يوم الخندق عندها تداوي جرحه حتى مات ، وشهدت خيبر مع النبي r فأسهم لها بسهم رجل”[34][34].
17- عدالة التوزيع : ساوى أبو بكر t بين الناس في العطاء دون النظر إلى تفاضلهم في السابقة والخراج معللا ذلك بقوله: “إن هذا المعاش الأسوة فيه خير من الأثرة”[35][35] فعمل بهذا ولاته[36][36]. ويذكر الإمام أبو يوسف في كتابه عن الخراج أن أبا بكر رضي الله عنه قسم العطاء “بالسوية على الصغير والكبير ، والحر والمملوك ، والذكر والأنثى”[37][37]
18- إنشاء النقابات واستقلاليتها عن الدولة: “… يستنتج من رقي الصناعة في بلاد العرب أن
معظمهم عرف الأصناف والنقابات[38][38] ، ولاسيما في العصر العباسي ، فكان لكل حرفة شعارها ومراسيمها ، وكان لكل صناعة نقيبها وممثلها”[39][39]، “وكان للمعلمين نقابة كنقابة الطالبيين ، ونقابة الأشراف ، ونقابات بعض الحرف والمهن الصناعية في تلك العصور ، وكان جماعة المدرسين هم الذين يختارون النقيب ، وما كان يتدخل السلطان إلا إذا وقع خلاف بين الأعضاء فيصلح بينهم”[40][40]. أما في الشام فكان “للصناعات الدمشقية أصول تعرف بالشد ، لها آداب وأنظمة وموظفون بقواعد معلومة عندهم يتناقلها الخلف عن السلف … [و] كان للصناعات رئيس أعظم يسمى نقيب الأشراف وشيخ المشايخ … [و] هو الذي يعقد الشد والعهد لأهل الصنائع ويعين المشايخ لأكثر من مائتي حرفة في دمشق ، ويفصل الخلافات ، ويحسم المشاكل التي تقع بين أرباب الحرف آمرا وناهيا ومقاصا للمخالفين ، وبالجملة فإنه كان الحاكم العام الذي نال هذا المنصب بأمر الخليفة[41][41] فلا يعزل ، ولا يترك منصبه إلا بالموت أو الاستقالة”[42][42].
19- الابتكار والتطوير: كان الإمام القرافي إماما متبحرا في العلوم الشريعة وفنونها ؛ ومن نوادر زمانه في صناعة الآلات (الميكانيكية) والفلكية. “حكى ابن طولون في رسالته: قطرات الدمع فيما ورد في الشمع ، عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن إدريس القَرَافي المالكي أنه قال في (شرح المحصول): بلغني أن الملك الكامل وُضِع له شمعدان … كلما مضى من الليل ساعة انفتح باب منه ، وخرج منه شخص يقف على خدمة الملك ، فإذا انقضت عشر ساعات طلع الشخص على أعلى الشمعدان وقال: صبح الله السلطان بالسعادة فيعلم أن الفجر قد طلع. قال [أي القرافي]: وعملت أنا هذا الشمعدان ، وزدت فيه أن الشمعة يتغير لونها في كل ساعة ، وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد إلى الحمرة الشديدة ، في كل ساعة لها لون ، فإذا طلع شخص على أعلى الشمعدان ، وإصبعه في أذنه يشير إلى الأذان ، غير أني عجزت عن صنعة الكلام”[43][43].
20- السلامة المهنية: جاء أن رسول الله r قال: “من بات فوق إجَّار[44][44] أوفوق بيت ليس حوله شيء يردُّ رجله فقد برئت منه الذمة”[45][45]، وإذا كان هذا الأمر الشديد”فقد برئت منه الذمة” بسبب عدم المحافظة على النفس ، فكيف بمن يستخدم العمال في الأعمال الخطرة ، من دون أن يحقق لهم معايير السلامة المهنية ، و يوفر لهم متطلبات أمن العمل للمحافظة على أرواحهم ، وقد جاء في الفقه الإسلامي أن “من أحدث شيئا في الطريق كمن أخرج جناحا أو شرفة ، أو نصب ميزابا ، أو بنى دكانا ، أو وضع حجرا أو خشبة أو متاعا ، فعثر بشيء من ذلك عاثر ؛ فوقع فمات ، أو وقع على غيره فقتله ، أو حدث به أو بغيره من العثرة والسقوط جناية من قتل وغيره ، أو صب ماء في الطريق فزلق به إنسان فهو مسؤول عن ذلك كله ، وعما عطب من الدواب وتلف من الأموال ؛ لأنه تسبب في التلف بإحداث هذه الأشياء وهو متعد في التسبب ، فكل ماتولد من التعدي يكون مضمونا عليه ، ولو كان الحرز منه غير ممكن…”[46][46]، والعمال في الضمان أولى.
21- عدم تشغيل الأطفال في أعمال لاتناسبهم نفسيا أوجسميا: إن من حق الطفل أن يتمتع بطفولته البريئة ، وأن يعيش وفق عمره ، دون أن تلقى عليه مسؤوليات لايطيقها، وإذا كان قد ورد في حق القادر على الكسب أن “لايكلف من العمل إلا مايطيق”[47][47] ؛ فكيف بالصغير. إن الإسلام يراعي المقدرة الجسمية كما يراعي الوضع المعنوي ، بحيث لايكون هناك ضغط على الطفل خشية أن يؤدي ذلك إلى عواقب سلبية ، حيث يقول النبي r: “ولاتكلفوا الصغير الكسب فإنه إذا لم يجد سرق“[48][48].
كتبها: أحمد معاذ الخطيب الحسني/دمشق
ربيع الأول 1431هـ/2010م
[1][1] - الإسراء ، 70.
[2][2] - تقطع ثمار نخلها.
[3][3] - مسلم ، الجامع الصحيح ، مرجع سابق ،كتاب الطلاق ( 9) ، باب جواز خروج المعتدة البائن (7) ، 4،200.
[4][4] - أبو داود ، السنن ، مرجع سابق ، كتاب الخراج والإمارة (14) ، باب في أرزاق العمال (10) الحديث (2945) ، 3 ، 354.
[5][5] - أبو عبيد ، مرجع سابق ، الأموال 256.
[6][6] - علي بن أحمد بن حزم (456هـ/1014م) ، المحلى ، تحقيق أحمد شاكر ، القاهرة ، إدارة الطباعة المنيرية ، 1347هـ ، المسألة 725 ، 6 ، 452.
[7][7] - يحيى بن شرف النووي (676هـ/1277م) ، المجموع شرح المهذب ، الناشر: زكريا علي يوسف ، مطبعة القاهرة ، دت ، 6، 191.
[8][8] - أبو داود ، السنن ، مرجع سابق ، كتاب الخراج والإمارة (14) ، باب في أرزاق العمال (10) الحديث (2945) ، 3 ، 354.
[9][9] - ابن حزم ، المحلى ، مرجع سابق ، المسألة 725، 6 ، 452.
[10][10] - مسلم ، الجامع الصحيح ، كتاب السلام (29) ، باب لكل داء دواء (26) ، 7، 22.
[11][11] - الكتاني ، التراتيب الإدارية ، مرجع سابق ، 1/457.
[12][12] - أبو يوسف ، الخراج ، مرجع سابق ، 117.
[13][13] - التوبة ، 60.
[14][14] - أبو يوسف ، الخراج ، مرجع سابق ، 126.
[15][15] - يشابه هذا في عصرنا تكريم من يقدمون خدمات عظيمة لبلادهم ، أو يحققون مستويات إنتاجية عالية ، أو بعض الصلاحيات الخاصة بأبناء الشهداء.
[16][16] - أبو يوسف ، الخراج ، مرجع سابق ، 43.
[17][17] - أبو يوسف ، الخراج ، المرجع نفسه ، 44.
[18][18] - أبو عبيد ، الأموال ، مرجع سابق ، 116.
[19][19] - مصطفى السباعي ، من روائع حضارتنا ، مرجع سابق ، 156.
[20][20] - توبي أ.هاف ، ترجمة: أحمد محمود صبحي ، فجر العلم الحديث ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1417/1997 ، عالم المعرفة ، العدد 219 ، 1، 98.
[21][21] - أكرم ضياء العمري ، عصر الخلافة الراشدة ، مرجع سابق ، 209.
[22][22] - ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ، مرجع سابق ، كتاب البيوع (34) ، باب كسب الرجل وعمله بيده ( 15) ، الحديث ( 2075) ، 4، 357.
[23][23] - مصطفى السباعي ، من روائع حضارتنا ، مرجع سابق ، 131ـ132
[24][24] - أكرم ضياء العمري ، عصر الخلافة الراشدة ، مرجع سابق ، 216.
[25][25] - أبو عبيد ، الأموال ، مرجع سابق ، 240.
[26][26] - أبو عبيد ، الأموال ، المرجع نفسه ، 238.
[27][27] - أبو عبيد ، الأموال ، المرجع نفسه ، 238.
[28][28] - النووي ، المجموع ، مرجع سابق ، 6 ، 193-196.
[29][29] - التوبة ، 71.
[30][30] - مسلم ، الجامع الصحيح ، مرجع سابق ، كتاب التوبة (41) ، باب فضل دوام الذكر والفكر (3) ، 8 ، 95.
[31][31] - أحمد الإيبش- قتيبة الشهابي ، معالم دمشق التاريخية ، دمشق ، وزارة الثقافة ، 1996 ، 227.
[32][32] - أبو عبيد ، الأموال ، مرجع سابق ، 256.
[33][33] - أحمد بن حنبل ، المسند ، مسند المدنيين ، مسند طلق بن علي ، الحديث ، 2 ، 625.
[34][34] - عبد الحي الكتاني ، التراتيب الإدارية ، مرجع سابق ، 2/113.
[35][35] - أبو يوسف ، كتاب الخراج ، مرجع سابق ، 42.
[36][36] - أكرم ضياء العمري ، عصر الخلافة الراشدة (محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق مناهج المحدثين) ، المدينة المنورة ، مكتبة العلوم والحكم ، 1414هـ/1994م ، 210.
ودرءاً لما قد يظن من التعارض بين فكرة عدالة التوزيع ، وتكريم أصحاب السابقة ؛ نسوق ماذكره الدكتور أكرم ضياء العمري تعليقاً على الموضوع : “ومن المهم أن نتبين وجهة نظر عمر رضي الله عنه في عدم المساواة بين المسلمين في العطاء ، ودعمه الواضح لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكبار الصحابة من المهاجرين والأنصار ، واعتباره للسابقة في الإسلام والبلاء في الجهاد ؛ فلا شك أن الفئة التي حازت الأموال الوفيرة في خلافته هي التي أقامت على =أكتافها صرح الدولة الإسلامية ، كما أنها أكثر فقها والتزاما بالشرع ومقاصده ، وأكثر ورعا وصلاحا في التعامل مع المال ، وتذليله لتحقيق المقاصد الاجتماعية عن طريق الإنفاق. ودعم هذه الفئة اقتصاديا يقوي نفوذها في المجتمع ، ويجعلها أقدر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويحقق مقصد =الحديث “اليد العليا خير من اليد السفلى”. ويلاحظ أن عمر رضي الله عنه أراد العدول عن سياسة التفضيل في العطاء إلى المساواة ، ولعل سياسة التفضيل حققت مقاصدها.
[37][37] - أبو يوسف ، كتاب الخراج ، مرجع سابق ، 42.
[38][38] - ينكر توبي أ.هاف المتخصص في (العوامل الإجتماعية المؤدية إلى تقدم أو تدهور العلم في حضارة ما) في كتابه: فجر العلم الحديث (الإسلام ـ الصين ـ الغرب) وجود النقابات 1/104 ، وإن عاد ليقول “وحسب معيار جبريل بير الذي ينكر وجود نقابات في الشرق الأوسط فقد أصبح هذا موضع جدل في العصر الحديث ، وقيل إن المذاهب كانت أشبه بنقابات ، في رأي بير ، إنه في نظرنا لا مجال للحديث في نقابات إلا إذا كان كل المشتغلين بمهنة أو حرفة يشكلون وحدة تحقق لهم أهدافهم في الوظائف الاجتماعية والإدارية والمالية” 1/107 ، وقد علق المترجم: د.أحمد محمود صبحي في الحاشية بما يلي ، ذاكرا كمرجع كتاب د.السيد عبد العزيز سالم: محاضرات في تاريخ الحضارة الإسلامية ص150: “كانت هناك نقابات ، وإن لم يطلق عليها هذا الاسم ؛ بل إن الحكومات الإسلامية كانت تشجع إقامة هذه التجمعات الحرفية التي كانت مسؤولة عن الإشراف على التجار وأصحاب الحرف لمنع الغلاء والغش ، وقد ساعد على إنشاء التكتلات تجمع أصحاب كل حرفة في سوق واحدة لتبادل المعونة والدفاع عن مصالح أهل الحرفة ، ويسمى الرئيس بشيخ الصنف أو شيخ الصنعة…” ؛ وانظر:
- توبي أ.هاف ، فجر العلم الحديث ، مرجع سابق ، 1/107.
[39][39] - صبحي الصالح ، النظم الإسلامية ، نشأتها وتطورها ، ط6 ، بيروت ، دار العلم للملايين ، 1402/1982، 408.
[40][40] - مصطفى السباعي ، من روائع حضارتنا ، مرجع سابق ، 133.
[41][41] - يبدو أن هذا حدث في عصور متأخرة ، ولم أستطع تحديد التاريخ الذي صار التعيين فيه يجري من قبل الخليفة.
[42][42] - محمد أديب آل تقي الدين الحصني ، منتخبات تواريخ دمشق ، قدم له: كمال صليبي ، ط2 ، بيروت ، دار الآفاق الجديدة 1399/1979 ، 3 ، 1109.
[43][43] - أحمد بن إدريس المصري المالكي ، شهاب الدين القرافي (684هـ/ 1285م ) ، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام ، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: عبد الفتاح أبو غدة ، حلب ، مكتب المطبوعات الإسلامي ، 1387/1967 ، 15.
[44][44] - الإجَّـار: السور أو الحائط.
[45][45] - أحمد بن حنبل ، المسند ، مرجع سابق ، مسند باقي الأنصار ، 5 ، 79.
[46][46] - عبد القادر عودة ، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي ، ط5 ، دار الفتح ، د.م ، 2، 107.
[47][47] - مسلم ، كتاب الأيمان (17) ، باب إطعام المملوك مما يأكل (10) ، 5 ،93.
[48][48] - عبد الرحمن ، جلال الدين السيوطي (911هـ/1505م) ، تنوير الحوالك (شرح على مؤطأ مالك ) ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، دت ، الحديث (1838) ، 3، 145.