يؤكد مفكرون إسلاميون مثل راشد الغنوشي أن المسلمين قادرون على العيش كمواطنين في الدول الغربية وعليهم التمسك بقوانين تلك الدول. بينما يرى جيرالد سيلانتا مؤشرات للتصادم بين المسلمين والشعوب الأوربية.. ويتوقع سيناريو قاتماً: تطهير عرقي وطرد جماعي للمسلمين.
هل تعتقد أن مثل هذه السيناريو القاتم الذي يتوقعه سيلانتا يمكن أن يتحقق في أوربا قريبا؟ ولماذا؟
كتب: محمد عبد الحميد عبد الرحمن- إذاعة هولندا العالمية: على المسلمين أن يحزموا حقائبهم ويعودوا من حيث أتوا، لم تعد أوربا آمنة بالنسبة لهم. ما لم يكن احد يتصوره قبل عشرين عاما سيحدث قريبا. في الذهن الشعبي الأوربي سيصبح المسلمون هم المسؤولين عن كل مشاكل أوربا ومتاعبها من ارتفاع نسبة البطالة وانتشار الجريمة وحتى رمى النفايات في الشوارع وسيطردون من أوربا.”
تطهير عرقي: باختصار سيبدأ التطهير العرقي ضد المسلمين في أوربا بين عامي 2012 و2016. هذه النبوة المتشائمة أطلقها باحث أمريكي يدعى جيرالد سيلانتا مشهود له بتاريخ مقنع من القدرة على التنبؤ بالتحولات الكبرى في بلاده والعالم.
فهو حسب تحقيق نشر مؤخرا في صحيفة دي بيرس الهولندية قد تنبأ بسقوط جدار برلين قبل خمس سنوات من سقوطه الفعلي، وقال إن الإسلام سيصبح بديلاً عن الشيوعية بالنسبة للغرب منذ عام 1993، وكتب منذ عام 1998 وحتى 2004 بدقة مذهلة حول مستقبل سوق العقارات في أمريكا وانهيارها، وأبصر أزمة القروض العالمية قبل ثلاث سنوات من حدوثها.
بوادر تحقق (النبوءة): يترأس جيرالد سيلانتا معهد الاتجاهات الجديدة ويصدر دورية منتظمة منذ ثلاثة عشر عاما وهو ضيف منتظم لدى محطات التلفزيون الكبيرة في أمريكا.
يرى سيلانتا تباشير نبوءته المتشائمة في ما يحدث الآن من صعود للتيارات السياسية اليمينية الشعبوية في أوربا التي تصرخ ليل نهار بان المسلمين سيدمرون الدولة والثقافة الغربية الحديثة. حدث ذلك ويحدث في السويد والدنمارك وهولندا وألمانيا وبلجيكا وايطاليا وسويسرا.
تبدأ ألازمة كالمعتاد، حسب سيلانتا، في جبهة الاقتصاد بركود اقتصادي متطاول يعقبه تآكل القيم الديموقراطية. وسيعمل القادة السياسيون اليمينيون الشعبويون على إنشاء نظام قانوني مزدوج يضمن الحقوق الكاملة للمواطنين الأصليين ويحدد قائمة الممنوعات للمواطنين ذوي الأصول الأجنبية. وهذا التوجه قد بدأ بالفعل، حسب رأيه، في صيف عام 2010 بإجازة البرلمان الفرنسي لتشريع يحظر لبس النقاب على المسلمات.
النخب الحاكمة
يضيف سيلانتا إن النخب الكوزموبوليتانية الأوربية الحاكمة حاليا وحدها ستعارض هذه التوجهات لكنها ستكون بلا أثر تقريبا أمام صعود التيارات الشعبوية لأن هذه النخب قد صمت آذانها لوقت طويل عن احتجاجات العامة وشكاواها في أوربا معتصمة باستعلائها وتجاهلها لحقائق الواقع الذي تجاوز القيم التي تتشدق هذه النخب بها، مثل دولة سيادة القانون.
راشد الغنوشي: في مقابل هذه الصورة المغالية في تجهمها يبدي الكثير من المفكرين الإسلاميين الذين يعيشون في أوربا تمسكا قويا بفكرة المواطنة المتساوية ولا يرى المفكر الإسلامي التونسي المقيم في بريطانيا راشد الغنوشي أي تناقض في أن يكون المسلم مواطنا بريطانيا جيدا. ويرفض أصلا المقارنة بين مفهومين منفصلين يتحرك كل منهما في مجال مختلف، مجال العقائد والديانات مقابل مجال الهويات السياسية والثقافية.
ويضيف الغنوشي في حديث له لقناة الجزيرة القطرية “المتشددون من المسلمين وغير المسلمين “العنصريون” وهم فئة قليلة مهما علا صراخها يوجد أمثالها في كل دين ومذهب، هم الذين يخلطون بين الدين والمواطنة، بمعنى حمل جنسية دولة معينة، وذلك في إساءة فهم لكل منهما.”
الولاء والبراء: ويشير مؤسس حزب النهضة الإسلامي المحظور في تونس، إلى أن ثلث المسلمين في العالم اليوم يعيشون كأقليات وعليهم أن يعيشوا كمواطنين ملتزمين وأن يعمقوا قيم المواطنة في الثقافة الإسلامية بما يدرأ أي تعارض بين دائرة المواطنة ودائرة الديانة، إذ “لا توجد مواطنة تفترض إسقاط الدين.”
وينأي راشد الغنوشي بنفسه من مفهوم الولاء والبراء التي تؤسس الجماعات المتطرفة ايدلوجيتها عليه ويصفه بأنه مفهوم غير شرعي ودخيل على الفقه الإسلامي.
نقلاً عن: http://www.rnw.nl/arabic/article/187593 بتصرف يسير