حاوره : أنس أزرق
1 ديسمبر 2014
* عندما انتخبت رئيساً للائتلاف استبشر كثيرون خيراً، فجأة خرجت بمبادرات انقسموا حولها وفجأة استقلت، والاتهامات تطالك بأنك فردي ومزاجي وغير خبير في السياسة، كيف صرت رئيساً للائتلاف؟
- كنت في القاهرة كمعارض للنظام ليس بشكل سياسي، لنقل بشكل اجتماعي، ولم أكن أرغب بالانضمام إلى مجموعة سياسية، فأنا أؤمن بالزحف الاجتماعي، فقبل الثورة كان هناك آلاف السوريين يزرعون الحرية، وكانت تتم الأمور بشكل فردي ضيق بسبب أعين الأمن.
تكلم معي رياض سيف مرات عديدة واقترح اسمي، لم أقبل ولم أرفض، بعد ذلك تقرر عقد مؤتمر في قطر، تنسيقيات دمشق طلبوا مني أن أمثلهم، اعتذرت، فقالوا لا يوجد أحد معروف من دمشق ونريدك أن تمثلنا، أنا ليس لدي جماعة وأحياناً أقول ليس لدي عصابة، عصابة بالخير طبعاً، وهذا يؤدي إلى نوع من التوافق، لأنك لا تهدد الآخرين وتأتي بالخدمة العامة، وتكون نقطة التقاء، فطرح اسمي لرئاسة الائتلاف وبقيت يومين أعتذر فأصروا فقبلت.
* لماذا استقلت؟
- عندما انتخبت رئيساً للائتلاف كنت أريد خدمة بلدي وقلت: سأعطي نفسي مدة أربعة أشهر، وإن لم أستطع سوف أنسحب.
وجدت أنّي لا أستطيع أن أعمل، مجموعات سياسية تبحث عن مواقع أكثر ما تهمها سورية، أيضا لا يمكن أن أقبل أن تلعب بي جهات إقليمية ودولية، مثلاً المجلس العسكري الذي أُسس لم أخبر بأي اجتماع له، ووجدت بعض الانتهازيين في الائتلاف ينسجون معه من وراء ظهري، ويحضر بعض الاجتماعات 13 جهاز مخابرات.
بقيت سبعة أشهر إلا يوما أو يومين؛ لأن النظام الداخلي يقول يبقى الرئيس حتى ينتخب غيره.
* لم تكن تتشاور مع أحد؟
- لم أفعل شيئاً من دون تشاور، فمثلاً المبادرة الثانية التي كانت أن يخرج بشار الأسد مع 500 شخص، هذا الموضوع درسته بعناية، وتشاورت فيه مع أمهر السياسيين السوريين، ومنهم د.سمير التقي والأستاذ هيثم المالح الذي يمسح بي الأرض على الفضائيات ومع ذلك أنا احترمه، كنت أقول له: هل سنحاسب 100 ألف من هنا أو 100 ألف من هناك؟ إذا عملنا قانونا يعتبر كل من حمل السلاح ضمن القوانين المحلية والدولية عملا عسكريا، ويصدر عفو عنهم ولا يعتبر هذا القانون من أمر بقتل المدنيين أو الاغتصاب والتعذيب والخطف أعمالا عسكرية، فيقول ممتاز.
كنت أقول للسيد هيثم المالح ما رأيك لو أقنعنا بشار الأسد، ولو من خلال الروس والإيرانيين بالخروج مع 500 شخص مع أسرهم وإن أراد أن يزيد العدد لا ضير؟ فيقول هذا أمر جيد ولكن لا يحدث.
عرضت المبادرة على الائتلاف فنظروا باستخفاف لها، ووزعت نسخة لكل شخص، وقرأتها لهم وبعد فترة قالوا إنني لم أخبرهم بها.
* أنت قدمت 4 مبادرات؟
- لا، قدمت مبادرتين ومن ثم معايدة ونداء.
* والمبادرة الأخيرة مع روسيا؟
- لا، هذه زيارة، المبادرة الأساس هي الثانية، الأولى كانت عفوية وبداية لحل بإطلاق سراح النساء والأطفال أولا.
النظام ينظر باستخفاف لكل شيء، كان أمام المعارضة فرصة باستثمار حماس الدول لهذا الموضوع ولكن أهدرته، أحد الشخصيات المتخشبة كان يقول على الملأ “لا نريد مبادرات ولا نحتاج لرؤية سياسية”!
قال تعالى “لا يحب الله الجهر بالسوء إلّا من ظُلم”. ظُلمت كثيراً، وسكتت وقررت ألا أسكت بعد اليوم. ست مرات ومن أول اجتماع ترأسته قلت لهم لا أستطيع أن أدير الائتلاف لوحدي، أريد هيئة سياسية تنفيذية، كل الكتل شاركت بإفشال ذلك حتى صرخت فيهم، فوافقوا على تأسيس هيئة سياسية تنفيذية مؤقتة، ليس لها صلاحيات.
للأمانة يوجد بعض الغيورين الوطنيين، ولكن هؤلاء الشرفاء ينسحبون من الائتلاف رويداً رويدا. عبد الكريم البكار، ولؤي صافي استقالا وبرهان غليون معتزل الائتلاف.
* هل عاتبك أحد على كلمتك في القمة العربية التي رأى فيها البعض تجاوزا على القادة العرب؟
- ليس فيها تجاوز، من الطبقة الموجودة لم يتكلم أحد معي بشكل مباشر، ولكن نقل لي أن فلانا لم تعجبه الكلمة، وهذا حقه ولكن في المقابل هناك حق الناس، لأن الظلم متفش في الوطن العربي.
* من هو؟
- لا إجابة.
* هل أنت على خلاف مع الإخوان المسلمين؟
- طالما ناديت على المنابر جهاراً نهاراً بإلغاء القانون 49 (القاضي بإعدام كل منتم للإخوان).
لم يكن لي علاقة معهم كتنظيم، كانوا في الائتلاف ولم أتصادم معهم بالرغم من أنهم “اشتغلوا بي” ربما أحبوني في البداية باعتباري إسلاميا، وهم متفاوتون بين أشخاص أكثر تعقّلا وحكمة كالمراقب العام الجديد محمد وليّد، وأرجو أن يكون على يديه تصحيح المسار فالاخطاء قاتلة، ومنهم براغماتيون وهناك من يرتكب أخطاء.
* متى خرجت من سورية؟
- تموز 2012
* كيف؟
- لا أريد الإجابة عن هذا السؤال.
* اعتقلت؟
- مرتين، الأول كان في بداية الثورة في مارس/آذار والثاني في مايو/أيار، وسبب الاعتقال هو مبادرات لحل الأزمة، وجهت نداء مع بعض الناشطين نطالب بشار الأسد بلم البلد والحرص على ألا تتفاقم الأمور، بعدها استدعيت للأمن وبقيت عندهم فترة، قالوا أنت تثير الفوضى وطلبوا أن أكتب مقترحات لحل الأزمة، وفعلا كتبت ولكن أجابوا “خليك عنّا”.
وبعد إطلاق سراحي تم استدعائي لأكثر من فرع للتحقيق، كان السؤال ماذا تفعل؟ ولماذا ذهبت إلى عزاء دوما؟ ولماذا ألقيت كلمة في المعضمية؟
الشيء العجيب أن اللواء عبد الفتاح قدسية، رئيس المخابرات العسكرية وقتها استدعاني وكان محترماً، حينها، معي وقال لي اسمك دائماً (في التقارير) على طاولتي فماذا تفعل؟ وطلب مقترحات مني، فقدمت مقترحات لكف الأذى عن البلد ونشرتها بعد ذلك على النت، فاعتقلت في فرع تابع للأمن العسكري “فرع فلسطين”، وبعد الإفراج عني أخبرني بعض الأخوة أنني إن بقيت ستكون المرة القادمة هي النهاية، وأن أحد رؤساء الأفرع الأمنية كاد يجن بسبب إطلاق سراحي.
* ألم يكن هناك حوار معك على الصعيد السياسي؟
- كان هناك جلسات مع اللواء ديب زيتون رئيس الأمن السياسي وقتها، وبعدها اعتقلت عنده.
* متى منعت من الخطابة؟
- بعضهم يتكلم أن هذا الشخص لو لم يرضَ عليه النظام لم يصعد على المنابر، أنا ممنوع من الخطابة والتدريس في كل مساجد القطر منذ 22-12-1995
* ما سبب المنع؟
- الزحف الاجتماعي الذي كنت أقوم به، كان الشباب ينزلون من محافظات أخرى لحضور الخطبة، كان يصلي في المسجد الشاب الذي يرتدي الجنز والسلفي الذي يرتدي كلابية للركبة، تأتي العائلة كلها. وأحد كبار الضباط (انشق عن النظام لاحقا) قال لي يجب أن تغلق قبو النساء، فأجبته إن أردتم فأغلقوه كي أقول للناس من الذي أغلقه.
* لماذا تركت الجامع الأموي؟
- لأسباب كثيرة منها أن الأموي بفضائه الواسع ليس له عيّنة حضور مستقرة، إضافة إلى أن للأموي أكثر من خطيب وكل أسبوعين حتى تخاطب الناس، وكان هناك افتتاح لمسجد (دك الباب) وعرض علي فقبلت.
* درست الفيزياء وعملت في شركة الفرات للنفط؟
- جيو فيزياء تطبيقية، وتخرجّت من جامعة دمشق 1986، اشتغلت في شركة الفرات للنفط، ولم أخرج من سورية إلا في الأحداث الأخيرة.
كان هناك مصادمات بالعمل، فمثلاً كنت أحضر رسالة ماجستير في الدراسات الإسلامية، فطلبت إجازة ولم يعطوني فقدمت استقالتي ولم أجد عملاً بعدها، فقررت أن أرجع فأعادوني لأن اختصاصي نادر. وكنت أطالب بمساواة السوريين مع الأجانب في الشركة حيث كان مرتبي 5800 ليرة، بينما الأجنبي مثلي 10000 $.
بعد فترة صدر كتاب بمنعي من العمل في كل شركات النفط في سورية ومؤسسات الدولة.
* ما الذي جاء بك للخطابة؟
- عائلتنا عائلة خطابة وأول خطبة ألقيتها كان عمري سنتين ونصف. أخي ووالدي وجدي وعم جدي كلهم خطباء.
- بعد رفض النظام لكل مبادراتك، ماذا تقترح؟
- قلت للوزير لافروف من مصلحة بشار أن يرحل، وذكرت للروس أن قسما من الشعب يريد بشار الأسد، سواء بالرضى أو بالإكراه، وهناك قسم آخر لا يريده مهما كانت الأسباب وبالتالي من المستحيل أن تقف سورية على أقدامها مع هذا الرجل ويجب أن يرحل، ليس لدي تفصيلات ويجب عليه أن يسعى بترتيبه أيضاً من أجل إنقاذ سورية، هذا الخروج لا يعني ضمانا من أي طرف، لا أستطيع أن أتجاوز حقوق الناس، وعليهم أن يتابعوها، المهم أن نوقف المأساة التي نتدحرج جميعاً فيها.
جمعية التمدن الاسلامي:
كان الشيخ معاذ الخطيب في زنزانة مفردة عندما هز انفجار فرع فلسطين، السيئ الصيت، في الشهر التاسع 2012. وأصيب إصابة خفيفة وكان همه، كما يقول، بناء علاقة إيجابية مع سجانيه؛ لأنه يعتبرهم ضحايا كجميع السوريين.
التغيير الاجتماعي وعدم الطائفية، تعلمهما الخطيب من مدرسة جمعية التمدن الإسلامي التي تأسست عام 1932 على يد مجموعة علماء من مدرسة الشيخ جمال القاسمي، والشيخ طاهر الجزائري “انضم إليها كبار العلماء؛ فمثلا الشيخ علي الطنطاوي كان موجّهاً تربوياً في الجمعية”.
لم تحل الجمعية بعد وصول البعث للسلطة 1963 ويقول الخطيب: “لم تؤسس لحالة سياسية، رغم أن بعض أفرادها في الخمسينيات رشحوا أنفسهم بصفة فردية للانتخابات النيابية، ويذكر المرحوم خالد العظم في مذكراته أنهم كان يحسبون حسابها في المناصب”.
ترأسها معاذ الخطيب عام 1988 وبقي 9 سنوات رئيس مجلس إدارة و20 سنة عضوا في مجلس الإدارة “عزلني الأمن السياسي مرتين، آخرهما عام 2008 حين صدر قرار بمنعي من أكون في مجلس إدارة أي جمعية خيرية”.
انتسب للجمعية الجيولوجية بحكم الاختصاص، ولكن انتسب للجمعية السورية للعلوم النفسية والتي رعى تأسيسها بشار الأسد، قبل أن يصبح رئيساً ويرد الخطيب “انتسبت لكلية التربية بعد أن تخرّجت من الجامعة، بتلك الفترة انتسبت للجمعية وانتسابي لها ليس له علاقة بمن رعى تأسيسها”.
الرابط
http://www.alaraby.co.uk/politics/789e272c-e048-494e-a79e-266a63e1e6c4