جرت الحوار في الدوحة : يارا أبو شعر
كشفَ الشيخ أحمد معاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تفاصيلَ محادثاته التي جرت بالدوحة مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى أهمية التواصل المباشر مع روسيا لمعرفة أية تغيرات في مواقفها المعلنة وغير المعلنة، باعتبارها دولة أساسية في دعم النظام السوري.
وقال الخطيب في حوارٍ مع “الشرق” إنّه لمس من خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين الماضي أنّ الموقفَ الروسي تجاه ما يحدث في سوريا لم يتغيّر، وأنّ حديثَ روسيا عن “حل بمشاركة كافة الأطراف” حديثٌ عام وتزيينٌ لفظي لا يمكن ترجمته إلى مضامين حقيقية.
ونفى الخطيب ما راج بشأن احتمال توليه رئاسة حكومة انتقالية في سوريا، مؤكداً أنّ الحديث عن حكومةٍ انتقالية لا يكفي لإنقاذ سوريا دون توضيح مآل المسؤولين عما جرى وصلاحيات هذه الحكومة. وبالرغم مِمّا سمّاه بـ”التعاطي السلبي وتجاوز الدول الكبرى لإرهاب النظام والتعامل مع ما يجري في سوريا على أنّه موضوع مكافحة إرهاب”؛ وبالرغم من “تشرذم القوى السياسية المعارضة وعدم توحد القوى العسكرية”، إلا أنّ الخطيب أعرب عن تفاؤله وأمله بأنّ المستقبل قد يأتي بحلٍّ ينهي معاناة الشعب السوري “مهما كانت السدود”. وأعرب الخطيب عن تأييده للتفاوض المباشر مع النظام لتوفير الوقت والدماء وإبعاد التدخلات الإقليمية والدولية، منتقداً تصريحات رئيس النظام التي تغلق الباب أمام أي توجه للحل السياسي، وإنقاذ سوريا.
غياب الإرادة الدولية:
وقال الخطيب ردا على سؤال لـ”الشرق” عن رؤيته وتقييمه لنتائج المحادثات التي جمعت وزراء خارجية مجلس التعاون مع نظيريهم الأمريكي والروسي، والتي تمّ التأكيد فيها على أولوية الحل السياسي في سوريا، “إنه من الجيد التأكيد على أولوية الحلّ السياسي، ولكنَّ عدم وجود إرادة دولية واضحة يُعرقل الأمر والذي لم يتحول إلى رؤية واضحة عن ماهية هذا الحل ومحدداته التي تكفل له النجاح”.
وفيما يتعلّق بأسباب ونتائج لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي كان في زيارة للدوحة بهدف بحث التطورات الإقليمية، لا سيما تلك المتعلقة بملف الاتفاق النووي الإيراني والأزمة السورية، أوضح الخطيب: “موسكو دولة أساسية في دعم النظام السوري، وأعتقد أنّ التواصل المباشر معها ضروريٌّ لمعرفة أية تغيرات في مواقفها المعلنة وغير المعلنة، و قد اتضح من وراء اللقاء مع الوزير لافروف أنّ موسكو لاتزال تحمل نفس الرؤية السابقة عما يجري حالياً”.
لا حل بدون ذهاب الأسد:
وتعليقاً على ما قاله لافروف عن أنّ روسيا تعمل مع الجميع وترى أنّ الحل يجب أن يكون بمشاركة كافة الأطراف، قال الخطيب: “يتكلم الروس دائماً عن المحافظة على بنية الدولة، ولكنّهم في نفس الوقت يخلطون هذا الأمر مع موضوع بقاء رئيس النظام. وانطباعي أنهم يظنون أنّ إزاحته قد تؤدي إلى انفراط الدولة، وأعتقد أنّ سوريا تستطيع الاستمرار بعيداً عن المخاوف الروسية، وبقاء رئيس النظام هو الإشكالية الأكبر، فلا حل عملياً بوجوده؛ وأما الحديث عن مشاركة جميع الأطراف فهو حديثٌ عام لا يمكن ترجمته، ويغلب على ظنّ الكثيرين أنّ هذا نوع التزيين اللفظي الذي قد لا يمكن ترجمته إلى مضامين حقيقية “.
قفز على المأساة:
وبشأن الآثار المترتبة على الاتفاق النووي وما يتعلّق بدور إيران في سوريا، لفت الخطيب إلى إيجابية مسألة مراقبة النشاط النووي قانونياً، مشدّداً على ضرورة العمل الحثيث لحظر أي نشاطٍ نووي عسكري لكل دول المنطقة، ومُحذراً من “التبعات الخطيرة لفتح النادي النووي”، حيث قال: “قوننة النشاط النووي أمر إيجابي، وفي نفس الوقت فإنّ فتح النادي النووي له تبعات خطيرة، وأعتقد أنّ من المطلوب العمل الحثيث لحظر أي نشاط نووي عسكري لكل دول المنطقة، وبالنسبة لسوريا فالملف النووي الإيراني منفصل برأيي عن هيمنتها واحتلالها لسوريا، والذي هو مشروع آخر تم السكوت الدولي عليه”.
وبيّن الخطيب موقفه تجاه المبادرة المعدّلة التي كانت قد طرحتها إيران مؤخراً بشأن الأزمة في سوريا، والتي يتعلّق أحد بنودها بتشكيل حكومة انتقالية، قائلاً: “الحديث عن مبادرة إيرانية مُعدّلة كلامٌ عام، ويتمُّ فيه القفز على المأساة التي وُضِع بها السوريون، وتجاوز للأسباب التي ستستمر في توليد بيئة دموية تجعل الأوضاع غير قابلةٍ للاستقرار، والحديث عن حكومة انتقالية لا يكفي لإنقاذ سورية دون توضيح مآل المسؤولين عما جرى وصلاحيات هذه الحكومة وخصوصاً في إعادة الترتيب لكل الملفات السياسية والأمنية في سورية”.
وحول توقعاته فيما يخصّ أهداف ونتائج زيارة ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى طهران الثلاثاء الماضي للاطلاع على المبادرة الإيرانية المعدّلة، والتي تزامنت مع زيارة وزير خارجية سوريا المعلم، أشار الخطيب إلى أنّ “لقاء المفوض بوغدانوف مع المعلم قد يكون خطوةً في تنسيقٍ ثلاثي بين روسيا وإيران والنظام، ولكنّ عوامل نجاحه الموضوعية غير متوفرة، ما دامت خطواته التنفيذية ليست واضحة، ويغلب على الظن أنّ غايته هو إنقاذ النظام ورأسه وليس من أولوياته إنقاذ الشعب السوري من وضعه المأساوي”.
تفاؤل رغم العقبات:
وبشأن إمكانية أنْ يشهد المستقبل القريب مفاوضات مباشرة بين النظام والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بهدف التوصّل إلى حل للأزمة التي تعيشها سوريا، قال: “أعتقد أنّ التفاوض المباشر يُوفر الوقت والدماء ويُبعد التدخلات الإقليمية والدولية، ولكنّ رئيس النظام أعلن بكل صراحةٍ أنه لا يوجد أي حل سياسي، وبالتالي أغلق هو الطريق في وجه أي محاولة لإنقاذ سوريا”. وفيما يخصّ الحديث عن أنّه سيتمّ تكليف الخطيب برئاسة حكومة انتقالية، أوضح: “لم أسمع بمثل هذا التكليف من جهة رسمية، ولستُ أبحث عنه، وعندما يكون مشروعاً ينهي تسلط النظام على بلدنا وشعبنا فمن المؤكد وجود عديدين من أصحاب الكفاءات بين السوريين ولا يشترط أي شخص لذلك”.
وحول وجود بوادر حل للأزمة السورية، قال الخطيب: “إنّ الحل معطّلٌ بسبب عدة عوامل، أهمُّها: التعاطي السلبي من الدول الكبرى، والتي أدارت الدفة وحولتها إلى موضوع مكافحة الإرهاب، متجاوزة إرهاب النظام، والعامل الثاني هو صلف النظام وتعاليه على أي حلٍّ موضوعي وإعلانه الصريح عن رفضه لأي حل سياسي، أما العامل الثالث فهو تشرذم القوى السياسية المعارضة وعدم توحد القوى العسكرية، كما أنّ وجود قوى عسكرية تابعة للطرفين يُعقد الأمور كثيراً”، مضيفاً: “رغم ذلك فأشعر بالتفاؤل والأمل بوجود حل ما، قد تأتي به قادمات الأيام ومهما كانت السدود”.
رابط اللقاء مع صحيفة الشرق: http://www.al-sharq.com