معاذ الخطيب ينفي لـ «القدس العربي» عقد أي لقاء مع النظام… ويؤكد: رسم الحدود بالدم سيكلف دماً أكثر
حاوره - مصطفى محمد
اسطنبول ـ «القدس العربي»: نفى الشيخ أحمد معاذ الخطيب ما تردد عن اتصالات أجراها مع النظام السوري مؤخراً بشأن الترتيب لحكومة وحدة وطنية، قائلاً «في حال سيحصل مثل هذه الاتصالات، فلن تكون قراراً فردياً اتخذه، بل ستكون هناك مشاورات واسعة من أجل تحقيق الاتفاقات الدولية التي تحدثت عن حكم انتقالي، وليس صيغة يعيد النظام من خلالها إنتاج نفسه من جديد».
ورأى الخطيب أول رئيس للائتلاف السوري المعارض، خلال حديثه لـ «القدس العربي»، في استخدام كلمة «الوحدة الوطنية» من قبل من يروج لها، «نوعاً من التحايل السياسي، لدفن ملفات يستحيل تحقيق الاستقرار من دون البت الواضح فيها»، بدون أن يوضح أكثر.
ورد معقباً على اللغط الذي أثاره التسجيل المصور الذي نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي دعا فيه الخطيب إلى وجوب دعم ما وصفهم بـ»العقلاء» داخل النظام والمعارضة للوصول إلى حل بالقول «لا أتحدث عن حوار، بل عن صيغ تفاوضية للخروج من النفق المظلم»، وأردف «أعتقد بالإمكان تحقيق ذلك، لأن للسوريين طبيعة لا أعتقد أن أحداً غيرهم يفهمها، وهذا بالتأكيد يحتاج إلى إرادة».
وقال «ما يزال المستقبل غامضاً مليئاً بالعثرات وفيه أحمال ثقيلة جداً، ورغم ذلك فما رأيناه من عزيمة شعبنا وإصراره تجعلنا نقول إن شعبنا يستطيع – رغم كل جراحه، أن يشق مساراً وطنياً، وهو قادر على أن يعيد ترميم بلاده، وبالتأكيد سيأخذ هذا وقتاً ليس بالقصير».
وأضاف الخطيب خطيب جامع بني أمية الكبير سابقاً، مخاطباً السوريين «إن إصرارنا على إنقاذ بلدنا فريضة بعنقنا جميعاً، وما نواجهه يمكننا تطويعه لصالحنا، عندما يكون هناك هم أساسي يتمثل بإنقاذ بلدنا من التقسيم والفناء».
وتابع معاذ الخطيب محذراً «أعتقد أن الحدود إذا رسمت بالدم فستكلف دماً أكثر، وبعد الاستقرار كل شيء يمكن أن يجري وفق حل وطني سلمي مناسب».
وقلل من شأن الحديث عن سوريا فدرالية، بالقول «لا يوجد ضمن الجسم السياسي السوري أي حزب أو طرف يطالب بهذا»، معتبراً أن «دفع الأمور بهذا الاتجاه، قد يؤسس لنزاعات طويلة»، وأوضح « أقصى ما يطالب به أي أحد حتى الآن، هو نوع من الإدارة الذاتية والحقوق الثقافية والقومية، والتي لا شك أنها صودرت للكثيرين خلال 50 عاماً».
وفي الشأن الميداني عزا الخطيب تراجع قوات المعارضة لحساب قوات النظام على أكثر من جبهة، إلى دينامية المواجهات العسكرية التي تشهد تبدلاً في موازين القوى، وإلى القصف غير المسبوق الذي مهد الأرض لبعض التراجعات النسبية، لكنه في الوقت ذاته أشار إلى التكلفة المرتفعة في حال المضي في خيار الحسم العسكري، الذي قد تعجز روسيا أو غيرها عن تحمل تبعاتها، مضيفاً « لذلك فإن حلاً سياسياً هو الأفضل على كل الأبعاد».
وبعد أن وصف فكرة الهدنة بـ «الجيدة» في حال وظفت لصالح السوريين، لا لصالح الأطراف الخارجية، عاد ليتحدث عن ضرورة تثبيتها، وقال إن «وجود الإرادة الدولية بتلك الهدنة أمر ايجابي، ويبقى وجود إرادة وطنية من قبل النظام والمعارضة وبمستوى عال لاستثمارها هو الأمر الملح، ومن ثم يجب تجنب الفخاخ التي قد تكون داخلها، وهذا قد يكون بصيص الأمل لمسيرة إنهاء المأساة التي يعيشها شعبنا السوري».
وحول تقييمه للمفاوضات المرتقبة، والمزمع عقدها في مدينة جنيف في التاسع من الشهر الجاري، بين المعارضة والنظام قال «أعتقد أنها فرصة قد لا تتكرر، ويجب اغتنامها، لسببين : البحث عن مخرج، ثم شق طريق لمسار سوري سوري، قبل أن تخرج القضية نهائياً من يدنا كسوريين».
وفي شأن مواز، عبّر الخطيب عن خشيته من تسبب بعض القوى، في دفع دول إقليمية إلى تصادمات، قد تزيد المشهد السوري تعقيداً، موضحاً «ربما ينظر البعض إلى ما يجري الحديث عنه اليوم من الناحية السياسية، كأمر له إيجابيات وسلبيات، وأنا كسوري أتمنى أن تتناقص حدة الصراع، لأن شعبنا هو من يدفع الثمن».
وفي إشارة منه إلى تدخل عسكري سعودي تركي وشيك ضد تنظيم «الدولة»، في الداخل السوري، قال» كبعد وطني لا أحد يرغب في التدخل في بلاده، وإن كان توحش النظام جعل كثيرين من الناس يبحثون عن أي حل لرفع معاناتهم، وقد جر الإيرانيون ثم الروس بتدخلاتهم أكبر المصائب إلى بلدنا»، وأضاف الخطيب إن «التدخلات الإيرانية والروسية عقدت الأمور جداً، والتدخل البري الآتي من السعودية وتركيا في حال تم التوافق عليه، سيكون محدوداً، وبعده الأساسي هو محاربة تنظيم الدولة».
وحمّل الخطيب «الدول الكبرى» المسؤولية المباشرة عن سفك الدماء السورية، لأنها لم تساعد الشعب السوري بطريقة تنجيه من يد الجلادين الذين يسفكون دمه لخمس سنوات»، كما قال. واختتم حديثه بالرد على سؤال «القدس العربي» حول تقييمه الشخصي لدور ما يسمى بـ»أصدقاء الشعب السوري» في دعم مسار الثورة بالقول، «كل تلك الدول كانت صادقة في دعم الشعب السوري ضمن رؤاها ومن وجهة نظرها، ولكن ما كان مفيداً للسوريين كان مسألة أخرى».
رابط اللقاء: http://www.alquds.co.uk